رأي ومقالات

د. ناهد قرناص: القلم ما بزيل بلم

عندما شاهدت الفيديو الخاص بأؤلئك النسوة اللاتي لا يستطعن قراءة الفاتحة ولا يعرفن ابجديات الصلاة ..ثارت في نفسي مشاعر شتى وانفعالات عدة ..لكن الغريب انه لم يكن من بينها سخط على الحكومة او اولي الامر بتلك المنطقة.. (اكون شربت الشاي بالياسمين يا ربي ؟؟؟)… اغلب الاحساس… بعد الاشفاق عليهن …كان الغضب على نفسي وعلى ذلك الرضا الذي احيط به ضميري بانني أفعل ما بوسعي تجاه مجتمعي وبلدي …ولكن ذلك الفيديو قد عرى كل الحقيقة امامي ..فوجدتني لا استطيع تبرئة نفسي .
اثناء فترة الدراسة في تلك البلاد التي تموت من البرد حيتانها…كانت تشاركني غرفة المكتب فتاتان المانيتان …اصليات ..(ميد.. ان.. جرمني ) ….كانت كل منهما تعمل احيانا في اماكن بيع الاكل السريع او محطات البنزين لتغطية نفقات السكن والاعاشة … … ذات مرة وانا اتجاذب معهما اطراف الحديث …..اذا بي اكتشف انهما تدفعان مساهمة شهرية لعلاج مرضى الايدز من النساء في ادغال افريقيا ….لا اذكر شيئا غير انني شعرت بضالة وصغر وودت لو ان الأرض (انشقت وبلعتني) .. ذلك انني الافريقية لا اقدم شيئا ملموسا لبنات قارتي وتفعلها بنات الخواجات بكل أريحية ……..ثم انني انشغلت أو تعللت بكثرة المشاغل وصعوبة المشوار ..فكان ان نسيت او تناسيت حتى كان هذا الفيديو الذي جعلني في مواجهة مع نفسي كأنسانة نالت حظها من التعليم …في مقابل هذا ..ماذا قدمت لبنات جنسي في هذه البلاد ؟؟؟ ربما تعللت بالظروف الحياتية الضاغطة …ربما اتكأنا على حائط الجهل بالشئ وعدم التصديق بامكانية وجود الامية قريبة منا الى هذه الدرجة …لكن الان وقد علمنا ..هل يكفي الجلوس وندب الحظ والقاء اللوم على الحكومة ..ام ان في الامر هنا مسؤولية مجتمعية متكاملة !!! هؤلاء النسوة هن جزء من كل ..والامر ليس فقط الجهل بامور الدين ..الامر هو الامية الطاغية …وظلام الجهل الذي يخيم على العقول فتجعل المرء كالانعام يعيش لياكل ويتناسل ثم يمضى من دون ان يترك اثرا
في الماضي القريب ..كان طلاب الجامعات يجوبون اليلاد طولا وعرضا مقيمين للكورسات ودورات المساعدة الاكاديمية …وكانت المدارس تنتظمها فصول محو امية مسائية مجانية لكل من فاته قطار التعليم ورغب في اللحاق به …ما الذي حدث؟؟ ..أصبح كل انسان عبارة عن جزيرة صغيرة منعزلة ..فلا يهمه ما يحدث بجانبه ..طالما ان الخطر لا يتهدده …ولكن الخطر يتهددنا جميعا ..فالام الجاهلة ..لا تنجب جيلا متفتحا ..ولا تربى انسانا طموحا … ..جهل النساء مصيبة كبرى ..وربما وجدنا تفسيرا لحالة (القلم الما بزيل بلم ) المستشرية بين المتعلمين منا …فالمعرفة بالكتابة والقراءة شئ تاخذه من المدرسة ..ولكن تفتح الذهن والطموح والاستعداد لتقبل الافكار تستقيه من البيت والام المستنيرة …فاستفيقوا ..وافيقوا يا معشر المتعلمين …واستمعوا معي لمسجل ادم سيد الدكان (ما بصح وطريقنا باين …يا شبابنا نقيف نعاين )..وصباحكم خير

د. ناهد قرناص

‫3 تعليقات

  1. لك التحية يا دكتورة ناهد وانت تضعين الاصبع على الجزء الأكثر ايلاما من الجرح الا وهو مشكلة التعليم والتعليم هنا يشمل المتعلمين بالمفهوم التقليدي اي الذين تخرجوا من الجامعات والمدارس والذين لم ينالوا حظا من هذا ولم تطأ اقدامهم اي مؤسسة تعليمية او خلوة او محو أمية وهذه مصيبة في وقت تكاثرت فيه المؤسسات التعليمية في السودان وهنا تكمن الاجابة على سؤال لماذا تتزايد مشاكل السودان بدلا من ان يتغلب السودانيين على مشاكلهم الكثيرة ويضعوا الوطن في الطريق الصحيح الذي يؤدي الى التنمية والتطور والاجابة بكل بساطة الجهل بشقيه الظاهر كما في حالة الفتيات اللاتي لم يستطعن قراءة الفاتحة والجهل المتوارى خلف الشهادات وهذا ربما اخطر واكثر ضرراً وكما ذكرتي المسئولية هنا جماعية ولا احد يدري ان كانت هنالك خطط (رسمية وشعبية) تبشرنا بمستقبل افضل

  2. والله دي حقيقة مولمه الي الجميع دكتوره ومانرمي اللوم علي الحكومة من الا نغير النظره دي ونعملبي همه يعني شباب الحوادث لو قالونحن مالنا الحكومة تعمل اي ماكان اتعملت الغرفة التي اقمت الدنيا وقعدتها يجب ان نتحرك ولنخدم بعضنا تحركو لخدمة منهم في حوجة لنا كل بفدر استطاعته سلام دكتور

  3. تألمت لأناس يجهلون ابسط الأمور الدينية والتي هي من صلب العقيدة ويعيشون في أطراف العاصمة الخرطوم وتحسرت على التفريط والقصور الذي يلام عليه الجميع ،، فإذا إفترضنا غياب السلطات التعليمية بحجة صعوبة تعليم الرحل فأين نظارة القبيلة اين رجال الطرق الصوفية المنتشرين في تلك المنطقة . شاهدت تلك الإستطلاعات وإلتمست العذر لجدتي رحمها الله التي لم تكن تحسن قراءة الفاتحة وتتم ما اشكل عليها بالرطانه عندنا في جزيرة بدين . ,وألتمست العذر لمسلمين في روسيا لا يحسنون نطق الشهادتين فقد روى لي بن عمي أنه كان في زيارة لإحدى دول الإتحاد السوفيتي السابق فسألوا عنه ،، من يكون بسحنته السمراء فأجاب بأنه من السودان وأنه مقيم بالسعودية وحينما نطق بأرض الحرمين أنهالوا عليه تقبيلا وتمسحاً بجسده الطاهر رغم أنه كان يجمع صلاتي الظهر والعصر كسلاً وتشاغلا أما الصبح فقد كان بعد طلوع الشمس بمقدار رمح ، غفر الله له ولنا جميعاً . شكرا دكتورة .