د. جاسم المطوع : ماذا وجد مدير المدرسة في هواتف التلاميذ ؟
في جلسةٍ شبابية قلت لهم : ما هي آخر الصرعات الشبابية على برامج التواصل الإلكترونية؟ فقال أحدهم: أنا أستطيع خلال خمس دقائق أن أحضر لك فتاة من (بنات الهوى) إلى مكاننا هذا، فنظرت إليه مستغربًا، فقال لي صديقه: إذا كنت مستغربًا مما نقول فدعنا نجرّب لك الآن ، وفعلًا فتح أحدهم النقّال على برنامج أمامي وخلال خمس دقائق شبكت فتاة معهم تبعد عن مكاننا 25 كيلو مترًا، والغريب في الموضوع أنها مستعدة الآن لأن تلتقي بهم للتسلية والترفيه بمقابل مبلغ مالي أو خدمة لتخليص معاملة بالدولة.
جلست أفكر في الأمر وإلى أين وصلت العلاقات الجنسية في بلادنا حتى صارت العلاقة بين الجنسين خارج إطار السيطرة والمراقبة ولو كنا في أطهر بقعة في العالم، وجلست أتساءل: ما الفرق بين مجتمعاتنا والمجتمعات الغربية في أوروبا؟ علما أن قوانين أوروبا تغيرت خلال السنوات العشر الماضية لحماية (حقوق الأقليات)، كما يسمونها ومنها بنات الهوى والمومسات والشاذين جنسيا وغيرهم وقد نالوا حقوقهم كاملة في أغلب دول أوروبا، ففي ألمانيا على سبيل المثال صدر قانون لحمايتهم في عام 2002، كما أصدرت وزارة التعاون في ألمانيا كتيبا سمته «دليل سفر النساء» يرشد النساء القادمات إلى ألمانيا إلى كيفية ممارسة الدعارة بصفة قانونية، بل إن صناعة الجنس في العالم تعتبر ثالث أكبر تجارة بعد تجارة السلاح والمخدرات حتى إنه خلال أنشطة كأس العالم قبل الأخيرة قامت شبكات الدعارة بتوفير ما لا يقل عن 40000 من المومسات من بنات الهوى من أجل الترفيه للمشجعين والرياضيين وتأسيس متاجر ضخمة لبيع لوازم الممارسات الجنسية، بل ذهبت فرنسا لأكثر من ذلك من خلال المطالبة بتسوية قانونية لسوق الدعارة والاعتراف بالمومسات بأنهن يسهمن في تنشيط الاقتصاد والتنمية المجتمعية ومن حقهن المساهمة في صندوق التقاعد والحصول على تعويضات اجتماعية والتمتع بالتغطية الصحية وتسلم بطاقات مهنية قانونية، وكذلك الحال بالنسبة للأماكن الخاصة بالشاذين جنسيا، ولعل من غرائب الأشياء أن فرنسا تعتبر هؤلاء من الأقلية التي ينبغي أن تحترم حقوقها بينما الأقلية المسلمة عندما تعبر عن دينها وعفتها وسمو أخلاقها بالحجاب تحارب، علما أن كليهما من الأقلية حسب المصطلح الأوروبي.
من يتتبع المسيرة الاجتماعية في الغرب يرَ بوضوح علامات الانهيار الأسري حتى صارت الحكومات عندهم تقدم إغراءات مالية لكل من ينجب طفلا وذلك لأن الكيانات الأسرية تغيرت فيمكن لرجلين أن يعيشا مع بعض أو امرأتين أو رجل وامرأة فهذه الكيانات الجديدة صارت تضرب مبدأ التعمير في الأرض، وذلك من أجل تحقيق الرغبات الجنسية لأن الجسد ينظر إليه على أنه ملك للإنسان وله مطلق الحرية في التصرف فيه بل حتى الشاذون جنسيا اعتمدوا لهم مبدأ التبني للأطفال تشجيعا لزيادة الذرية.
فهذه هي الفوضى الجنسية التي يعيشها الغرب والتي بدأت أرى خيوطها تمتد إلينا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي مع ضعف المتابعة القانونية والرسمية في بلادنا وضعف التربية الدينية الصحيحة والوسطية في مؤسساتنا وبيوتنا وضعف التوجيه التربوي في مدارسنا بمقابل ما نراه ونسمعه يوميا من ممارسات إباحية.
ففي الأسبوع الماضي جمع أحد مديري المدارس كل الهواتف النقالة للطلبة في المرحلة الابتدائية، فماذا كانت النتيجة؟!
يقول اكتشفنا من أصل 300 هاتف أن 200 منها فيها أفلام أو صور إباحية يعني ثلثا طلبة المدرسة الابتدائية! فهذه تحتاج منا لوقفة وتحرك.
وبالمناسبة فهؤلاء الشباب الذين جلست معهم تحدثوا معي في نهاية الجلسة عن برنامج خاص للشاذين جنسيا يتم التعرف إليهم من خلال الهاتف النقال فقلت لهم لماذا لا نعمل «فريق الخير الإلكتروني» للدخول إلى مثل هذه البرامج والحوار مع الفتيات والشباب فربما كلمة طيبة تؤثر بهم ونأخذ الأجر العظيم، وكما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» فابتسموا وقالوا فكرة ذكية دعنا نفكر فيها.
ثم قمت وشكرتهم ومشيت وأنا أفكر كيف نعالج هذه الظاهرة في مجتمعاتنا لأنها فعلا بدأت تعصف بنا، وأذكر أني كتبت مقالا عنوانه «5 * 5» وضحت فيه كيف نحمي أبناءنا من العصف التكنولوجي الإباحي وقد انتشر انتشارا كبيرا. وختاما أقول: لابد أن نتحرك لحماية شبابنا بالإيمان والعلم وتدريبه على ضبط الشهوة وتقوية الإرادة والتذكير بمنهج (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي).