محمد لطيف : قبل أداء القسم.. نصيحة من أرشيفي
منتصف فبراير الماضي كتبنا هذا، بعنوان.. (جزء من الأزمة أنت أم جزء من الحل؟).. رأينا من المناسب تقديمها الآن للقدامى والقادمين على حد سواء؛ علها تفيد..
م. ل
جزء من الأزمة أنت.. أم جزء من الحل
في صبيحة الخامس من يونيو 1967 وهو اليوم الذي اصطلح على تسميته بيوم النكسة.. وهو ذات اليوم الذي نجحت فيه إسرائيل في تدمير كل المقاتلات الجوية المصرية وهي في حظائرها.. لمّا تفكر في التحليق ناهيك عن الهجوم أو رد الهجوم.. في ذلك الصباح كان وزير الداخلية المصري هو السيد شعراوي جمعة.. وهو بعد ذلك من أشهر قادة حركة ما سميت بمراكز القوى التي كان ضعفها وتسرعها سببا في تمكين أنور السادات تمكينا مطلقا.. أما قبل ذلك فشعراوي جمعة لم يكن من الضباط الأحرار.. أي أنه من الذين آمنوا بعد الفتح.. ورغم ذلك عمل بالمخابرات العامة وفي العديد من المواقع الحساسة في مصر عبد الناصر.. حتى أصبح وزيرا للداخلية.. وبعد كل ما جرى بعد النكسة من وقائع معلومة للكافة.. ومنها المشاورات الواسعة التي أجراها عبد الناصر لتقييم الموقف.. زاره السيد شعراوي جمعة عاتبا عليه أنه لم يتصل به.. وهو وزير الداخلية.. ولم يستشره طوال عملية الأزمة التي ضربت مصر يومها.. كان رد عبد الناصر موجزا وموجعا في ذات الوقت.. حسب رواية الكاتب الصحفي الأشهر محمد حسنين هيكل.. إذ قال له.. لم اتصل بك لأنني لم أعرفك ما إذا كنت جزءً من الأزمة أم جزء من الحل.!؟
اليوم.. وما تلفّت يمنة ويسرة إلا ووقع بصرك على مسؤول ما.. في منصب ما.. في موقع ما.. ينطبق عليه تشخيص عبد الناصر لجمعة.. فتتساءل.. هل هو جزء من الأزمة أم جزء من الحل.؟.. والإحساس بهذا السؤال يتضاعف عندك.. ولا شك.. حين تجد الحلول لكثير من الأزمات وهي ملقاة على قارعة الطريق.. لكن لا أحد يريد أن يكلف نفسه مجرد الانحناء إلى الأرض.. وأخذ تلك الحلول.. ولعل واحدة من أيسر الحلول التي وهبها الله لكل عاقل.. بل وذهب العلماء حد جعله فضيلة.. ترفع من شأن فاعلها.. وتحط من قدر تاركها.. تصور..؟ هل أيسر من الصمت..؟ الصمت من قبل بعض المسؤولين في كثير من الأحيان يكون حلا.. أو سبيلا لحل.. بعض مسؤولينا لا علاقة لهم بفضيلة الصمت.. بل يرون.. والعياذ بالله.. الصمت عيبا.. فتراهم في كل وادٍ يهيمون.. وفي كل أمر يتحدثون.!
وغير بعيد من هذا الحل السهل.. يربض حل آخر.. في كسوف وحيرة.. يتساءل.. ما عيبي.. ألا يراني هؤلاء المسؤولون.. لم لا يستعينون بي في قضاء حوائجهم.. وفي ستر فضائحهم.؟.. لكن لا حياة لمن تنادي.. وهذا الحل قد حض عليه العلماء.. وعدوه من تمام الأخلاق.. بل وقضى العلماء أن الأخذ به تماما في مقام الفتوى.. إنه الاعتراف بعدم العلم.. أو الاعتذار عن الإجابة على سؤال لعدم توفر المعلومات.. أجمع العلماء.. زمان والآن.. أن من قال لا أعلم فقد أفتى.. وهذه سنة عند مسؤولينا أيضا مغيبة لأنها بظنهم معيبة.. ولا تليق بمسؤول.!
هل كنا في حاجة لإيراد أمثلة..؟ لا أظن ذلك.. فقط جل ببصرك حيث تقف.. وتأمل في ما يليك من مسؤولين.. فإن وجدت مسؤولا يلتفح فضيلة الصمت.. أو يعتذر عن الإجابة على سؤال.. فوافني بالقائمة لنشرها على الملأ.. وفاءً واحتفاءً.. فإن لم تجد فاحتسب.!