محمد لطيف : إرادة الحزب.. وحكايات أخر
رأيت أن أبدأ بالإيجابيات في هذا الذي انتهي إليه جدل التشكيل الوزاري الأخير.. أهمها أن المؤتمر الوطني تواضع.. وجعل نفسه في مصاف الأحزاب الأخرى.. حين لم تسارع قيادته إلى المايكرفون لتعلن عن التشكيل الوزاري الجديد.. لا من منسوبي الحزب.. بل حتى من منسوبي الأحزاب الأخرى.. كان المشهد هذا يتكرر في سنوات سابقة.. لكن المهندس إبراهيم محمود المسؤول التنفيذي الأول في الحزب الآن تعمد أن يضع أسسا سليمة تفصل بين الحزب والدولة.. حين أبلغ الصحافيين أن الأسماء ستصدر بمراسيم جمهورية من القصر الجمهوري.. فيمكن القول إن الرجل آثر أن يبدأ بداية صحيحة.. مضحيا بفرصة ذهبية يخطف فيها الأضواء وهو يعلن عن منسوبي الحكومة الجديدة.. وكان ذلك السلوك مظهر قوة لا بادرة ضعف.. وإذا كنا قد كتبنا.. ولأكثر من مرة.. في الفترة من نهاية سبتمبر ومطلع اكتوبر الماضيين عن ما أسميناه يومها (الجيش والحزب و معركة كسر العظم).. وكان الصراع وقتها هو ذات الصراع حول بقاء الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين في موقعه كوزير للدفاع.. أو انتقاله واليا على ولاية الخرطوم.. ونعلم ما انتهى اليه الأمر يومها.. فيبدو جليا أن الحزب.. أو عناصر فاعلة فيه كانت قد عقدت العزم على الانتصار لموقفها القديم.. غير أن الجديد هذه المرة كان هو البحث عن مظهر موضوعي للمطلب.. فكان مبدأ ذهاب من اكمل دورتين في موقعه.. وغض النظر عن الأخذ بهذا المعيار بمعزل عن معطيات أخرى كثيرة.. ولكن وبالنتيجة.. فالأمانة تقتضي أن نقول إن الحزب قد انتصر.. وثبت إرادته.. ولعله من نافلة القول أن من مصلحة الرئيس.. رئيس الحزب.. أن يقول الناس أن للحزب إرادة.. من أن يقولوا.. ليس للحزب إرادة.. وليس بعيدا عن هذا سيحتفل الجيش ربما اليوم أوغدا.. وبحضور الرئيس.. بتدشين مجموعة من المنشآت العسكرية الضخمة.. من المؤكد أنه لم يتم إنجازها بعد قرار المكتب القيادي بنقل السيد عبد الرحيم محمد حسين لمنصب والي الخرطوم..!
من محاسن التشكيل الوزاري الجديد أيضا أن الحكومة قد حافظت على عدد وزرائها.. صحيح أن ثمة انشطار قد وقع في وزارة ما.. لعلها وزارة المالية.. وهو إجراء كان مطلوبا على كل حال.. وهو قيام وزارة للتعاون الدولي.. وأن يكون على رأسها خبير اقتصادي ملم بخبايا وتفاصيل العلاقات الدولية.. وهو السيد الفاتح على صديق.. وليت ملف الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يكون واحدا من مهام هذه الوزارة لحيوية الأمر واستراتيجيته.. ولكن الانشطار هنا عولج بدمج وزارات أخرى.. كما وأن من المحاسن أن وزارة الاستثمار قد نالت شرعيتها بعد أن كانت شيئا غير مفهوم في الحكومة السابقة.. وجريا على نهج التمنيات أعلاه.. فليت ملف الاستثمار يكون واحدا من ملفات كبير مساعدي الرئيس لجهة تنظيرٍ كثيف ظل يردده قبل تشكيل الحكومة.. ورؤى تبدو طموحة وجديدة كان قد طرحها السيد الحسن الميرغني في تصريحات لهذه الصحيفة.. وعلها تكون فرصة للرجل لتطبيق مبدأ التغيير في مئة وثمانين يوما..!
وأخيرا لن أستبق الأحداث.. إن تنبأت بأن وزير الدفاع السابق لديه الكثير الذي يقدمه لأهل الخرطوم..!