د. جاسم المطوع : ضحية استدراج إلكتروني
دخل علي زوجته حزينا وهو يردد ويقول: لا أعرف ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف ؟ فقالت له: هل تقصد مشكلتك التي حدثتني عنها بالعمل؟ قال: لا، الموضوع أكبر من ذلك، قالت: هل حصل لوالديك شيء؟ فسكت، قالت: لماذا سكت.. أخبرني؟ نزلت دمعة من عينية ثم قال: مصيبة عملتها!! قالت وهي متوترة: تحدث معي، قل لي ماذا حصل لك؟ قال: القصة طويلة ولكن بدايتها كانت من رسالة عبر هاتفي المحمول، قالت باستغراب: رسالة!! ماذا تقصد؟ قال: رسالة وصلتني بالوتس آب فيها صورة لفتاة بملابس فاضحة ورقم هاتفها فأهملتها، وبعد أسبوع استلمت مثل هذه الرسالة مرة أخري فأهملتها كذلك، ثم أرسلت لي مرة ثالثة ففتحتها وقلت لنفسي وماذا سيضرك لو جربت تتحدث معها، فلما كلمتها صارت المصيبة، ثم سكت.
قالت: أكمل، ماذا حصل بعد ذلك، قال: لا أعرف ماذا أقول لك ولكني أريد حلا لمصيبتي، فقد حصل التواصل بيني وبينها عبر الهاتف ثم تطور التواصل من خلال برامج التواصل المرئية ثم تطور التواصل حتي صرنا نتحدث مع بعض ونشاهد بعضنا، ثم سكت، فقالت: وماذا حصل بعد ذلك؟ وهل مازال التواصل مستمرا؟ قال: نعم وحصلت أشياء بيني وبينها لأول مرة أفعلها بحياتي عبر الهاتف.
قالت وبصوت مرتفع: اتخذ قرارا الآن بقطع علاقتك بها وألغ بياناتها من هاتفك النقال حتى تنتهي المشكلة، قال: لا أستطيع، قالت: ولماذا لا تستطيع؟ قال: لأنها كانت تصورني عندما تحدثت معها وقد عرضت علي الصور الفاضحة الخاصة بي، وبدأت تطلب مني مبالغ مالية وتقول لي إذا لم تدفع لي المبالغ التي أطلبها منك، فإني سأنشر صورك علي الشبكات الاجتماعية وأفضحك أمام أهلك ومجتمعك، فصرت أحول لها المبلغ الذي تطلبه بين فترة وأخرى، قالت: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: وأنا ترددت أن أصارحك في البداية ولكن قلت إنك ستتفهمين غلطتي لأني أول مرة أفعلها، ولا أريد أن أستمر فيها وأريدك أن تساعديني فإني لا أعرف كيف أخرج منها، قالت: اترك الموضوع علي وأنا سأساعدك للتخلص من هذه الأزمة،
وبعد تفكير علمت الزوجة أن هناك قسما يتبع الداخلية متخصصا بالنظر في مثل هذه الوقائع فذهبت مع زوجها وقدم شكوى علي تلك المرأة بأنها تهدده بنشر صوره وتم معالجة المشكلة بصمت وسرية وإغلاق الحسابات الإلكترونية المتعلقة بهذا الأمر، والأمر فيه تفصيل لا يسعني أذكره بهذا المقال، وهذه قصة واحدة من مجموعة قصص كثيرة تعرض علي بنفس الأحداث ولعل آخرها شاب دفع لفتاة تهدده بنفس الطريقة أكثر من عشرة آلاف دولار.
كنت مترددا في الكتابة بهذا الموضوع حتى رأيت أن هذه الحوادث كثرت وصارت ظاهرة بعدما كانت في السابق حوادث فردية، ففي الشهر الماضي فقط عرضت علي ثلاث حالات متشابهة لشباب تم استغلالهم من خلال الواتس آب والإنستجرام والفيس، وواضح أن خلف هذه الأحداث مجموعات تعمل بهذا المجال لكسب المال بالطرق الرخيصة، مستغلين في ذلك حب الشباب للدردشة ومشاهدة الصور والأفلام فيتم استخدامها ليكونوا ضحايا هذه الشبكات.
فالشباب صنفان، صنف يبحث عن هذه الأمور ويمارسونها ولا يهمهم إذا تم تصويرهم أو تسجيلهم، وصنف يقع ضحية لهذه الشبكات مثل القصة التي ذكرتها، فتوعية الشباب أمر ضروري في هذا الجانب، والغريب أن هؤلاء لا يهمهم عمر الشاب فسواء كان عمره خمس عشرة سنة أو كان رجلا كبيرا تجاوز عمره الستين عاما فإنهم يصطادونه بألاعيبهم، وحتي نحمي شبابنا علينا عمل ثلاثة إجراءات مهمة، الأول توعية شبابنا بطرق وأساليب اصطيادهم من قبل الفتيات المستأجرات، والثانية وجود قسم مثل المباحث الإلكترونية لمساعدة الشباب، والثالثة غرس الإيمان والتقوى بنفوس شبابنا.