احمد يوسف التاي : والي سنار
أولاً لا بد أن نبدأ بالتهنئة لأهل سنار، ثم نعرج بها إلى واليهم الجديد الضو الماحي، ونسأل الله له التوفيق في إدارة شؤون الولاية والنجاح فيما فشل فيه سلفه المهندس أحمد عباس. وأحمد عباس فشل ليس لأنه فاشل بل قيادي (ناجح) ومثابر ونظيف اليدين، لكنه للأسف أحاط نفسه بالفاشلين، وضاربي الدفوف وحارقي البخور، فكان المحصول النهائي فشل معظم مشروعاته في الولاية، ومن فرط فشل فريق عمله أن أصبح هو (الرجل السوبرمان) الذي يخطط ويرسم السياسات وينفذ ويتابع التنفيذ ويتحمل الفشل وحده لا شريك له، أما فريق الفاشلين وبطانة السوء المحيطة به فاكتفت بالفرجة والتصفيق في (الفاضي) وإجادة دور الإذعان والتزلف (طاعة) ولي الأمر في غير موضعها ولأجل التكسب والبقاء في المواقع، فأي مسؤول هذا الذي يفعل كل شيء بنفسه؟!، وأي نتيجة ينتظرها الناس من رجل يعمل منفرداً؟! ونقول للوالي الجديد الضو الماحي قبل أن تجلس في كرسيِّك، تلفت يمنةً ويسرةً، وحدق ببصرك ملياً في من حولك.. إنها تركة ثقيلة تجعل أي شخص يشفق عليك من مسلسل الفشل، فأركان حرب الفساد بمقربة منك، والفاشلون ليسوا ببعيدين عنك، وإنك لتسمع منهم زخرف القول ومعسول الكلام وستجد منهم طلاوة في السان، وحلاوة في الكلام، وإن رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم، هم أعداء مواطني الولاية فاحذرهم، الحذر منهم وإبعادهم هو طريقك للإنجاز وسُلَّمك لتفادي الفشل بإذن الله، تلفت يمنة ويسرة وسوف تعرفهم بسيماهم ولتعرفنهم بلحن القول.. نحن لا ندعي النصح فهناك من هو أكفأ منا وأقدر وأنسب، ولا ندعي المعرفة بأحوال الولاية ودهاليزها فهناك أيضاً من هو أدرى بشعابها وكواليسها ولكننا أردنا أن نبعث ببعض الإشارات التي ربما تسهم في تسليط بصيص من الأضواء على عتمة كانت هي سبب إهلاك الذين سبقوكم.
أما نحن، السيد الوالي فسنتمر في تسليط الأضواء دون خوف منك على مكامن قصورك واخفاقاتك، ليس لأجل التشهير بك وترصد أخطائك، ولكن فقط كي يبلغ البنيان تمامه، ومن أجل لفت انتباهك للإصلاح والمعالجة، ومن أجل حبنا لـ(سنار) التي تئن بحمل الكنوز والثمائن، بينما يعاني إنسانها ويعيش حياة الكفاف والعوز والفقر بسبب تخبط السياسات وانعدام العمل المؤسسي وبسبب سوء التخطيط، ستجدنا عضدك وسندك ليس بالهتاف و(التطبيل) ولكن بلفت انتباهك لسلبياتك نعم سنكون كذلك ما دمت رحيماً بإنسان الولاية عاملاً من أجل رفاهيته، عادلاً بين الرعية حاكماً بالقسط، وستجدنا مصادمين أقوياء في عرين الحق إن ملت عن جادة الطريق.. وفقك الله وسدد خطاك على طريق الحق، اللهم هذا قسمي فيما أملك..
× نبضة أخيرة:
فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة عمد إلى جميع الولاة والحكام المسؤولين الظالمين فعزلهم، ومنهم خالد بن الريان، حرس سليمان بن عبد الملك، وعين محله عمرو بن مهاج، فقال عمر: يا خالد ضع هذا السيف عنك، اللهم إني قد وضعت لك خالد بن الريان، اللهم لا ترفعه أبداً. ثم قال لعمرو بن مهاجر: والله إنك لتعلم يا عمرو إنه ما بيني وبينك قرابة إلا قربة الإسلام، ولكني سمعتك تكثر تلاوة القرآن، ورأيتك تصلي في موضع تظن ألا يراك أحد، فرأيتك حسن الصلاة، خذ هذا السيف قد وليتك حرسي، وهكذا يعزل عمر الظالمين وهذا أسلوبه في اختيار الولاة والقضاة.