عثمان ميرغني

لماذا يغيب الإعلام الرسمي؟


في مثل هذه المواقف تأتي (حوبة الإعلام).. أمس انهال نقد مرير على الإعلام الرسمي السوداني لتأخره وفشله في مواكبة الأحداث التي سبقته بها مواقع التواصل الاجتماعي حول ما يجري في قمة الاتحاد الأفريقي بجنوب أفريقيا..
و مردُّ النقد لكون أن الشعب السوداني كله معنيٌّ بالأمر.. و لشحِّ صدقية ما يراج في أثير مواقع التواصل الاجتماعي توجّه غالبية الناس إلى الإعلام الرسمي في انتظار انجلاء حالة الاستفهام..
ولكن لغياب الاعلام الرسمي انتقل كثيرون يبحثون في فضاءات أجنبية على رأسها إذاعة وتلفزيون البي بي سي..
في مثل هذه الظروف ينشأ السؤال الكبير حول مدى فاعلية وكفاءة الإعلام الرسمي (بالتحديد الاذاعة والتلفزيون ووكالة السودان للأنباء “سونا” ) خاصة أنها تقتات بقسط كبير من موازنة يدفعها الشعب السوداني من حرِّ مال فقره المدقع..
إذا كانت مثل هذه الوسائط الإعلامية تفشل في شغل الفراغ الذي يخلفه غياب المعلومات في مثل هذه المحكات فما جداوها بعد ذلك؟ هل هي مجرد وسائط لتزجية الوقت بالبرامج الترفيهية وغيرها بينما تتخلى عن دورها الحقيقي في توفير المعلومات عند الضرورة؟
في تقديري أنه من المهم جداً مراجعة أوضاع وسائط الإعلام الرسمي فهي تستطيع أن تلعب دوراً وطنياً رائداً وسباقاً في مثل هذه الظروف لو توفرت لها الرؤية والإرادة (الإعلامية) الحقيقية.. وحتى لا أظلم القائمين على أمر هذه الوسائط فإن الأمر في يد الحكومة في أن تعيد هيكلة وسائط الإعلام الحكومي بصورة تضمن فاعليته وتطوره. فالتركيبة الحالية لهذه المؤسسات الإعلامية تقوم على أدنى مطلوبات الإعلام الحصيف لصالح السلامة المهنية.. فالعاملون عليها يدركون أنهم محاسبون على خطأ (العمل) لا على خطأ الـ(لا) عمل.. فينشأ من ذلك جاذبية قوية نحو مبدأ (سكِّن تسلم).. فيكون السكون هو البديل المنطقي للحركة في وقت يحتاج فيه الشعب إلى حركة هذه الوسائط ،لا سكونها المتعمد مع سبق الإصرار والترصد.
لو تحقق لهيئة الاذاعة والتلفزيون قدر معقول من الاستقلالية.. ولم أقل الحياد، بل الاستقلالية المهنية التي تجعل الطاقم التحريري قادرا على التصرف وفق ما تمليه التقديرات المهنية لا التقديرات السياسية.. فإن هذه المؤسسات الإعلامية الحكومية قد تؤدي عملاً مفيداً للحكومة وللشعب معاً..
مطلوب مراجعة عادلة لأوضاع وسائطنا الإعلامية الحكومية..