عثمان ميرغني

احرجتونا !!!


البروفيسور إبراهيم غندور نشرت له بعض الصحف قوله إن الحوار الوطني سيبدأ بعد (رمضان!!!).. ما الذي فجأة قلب (تقويم) الحوار من أفرنجي إلى هجري؟
لو قال غندور شهر يوليو أو أغسطس أو حتى أكتوبر ربما ظننا أنها (ترتيبات فنية) مرتبطة بالزمن.. لكنه اختار هذه المرة التقويم الهجري.. بما يعني أن الأمر متعلق بالشهر الكريم من حيث كونه (رمضان!) وليس من زاوية (زمنية).. فما هي مشكلة رمضان مع الحوار الوطني؟
حسناً الإجابة سهلة.. نرجع خطوة واحدة للخلف.. قبل عدة أشهر قال الوطني إن الحوار الوطني يبدأ بعد (الانتخابات!).. وجاءت الانتخابات وانتهت وفاز الوطني على نفسه فيها..
لم يتعب الوطني نفسه كثيراً.. جدد التوقيت وقال إن الحوار سيكون بعد التنصيب وإعلان الحكومة.. وجاء التنصيب وتشكلت الحكومة.. لكن الوطني لم يحتر كثيراً.. اكتشف أن رمضان على الأبواب.. وهنا خرج غندور بموعد يجعل من رمضان حاجزاً يحتم الصيام عن الحوار.
حسناً.. رمضان ليس ببعيد.. لكن المشكلة في الحج!! ماذا إذا اتضح أن الوطني يرى ضرورة التبرك بأداء الحج أولاً قبل أن يبدأ الحوار!
والحقيقة – والله العظيم- لو كنت أنا في مكان المؤتمر الوطني لما فعلت أكثر مما يفعله.. بالمنطق كنت أسأل نفسي.. أحاور من؟ ولماذا؟
بعبارة أخرى.. ما هي أهمية الحوار بالنسبة للوطني.. هو أصلاً حاكم.. و(يا دوبك) جدد وضوءه بالانتخابات التي أجراها وفاز بها.. إذاً حوار لأجل ماذا؟ ومع من؟
الأمر مسألة أولويات.. صحيح من حيث المبدأ وافق الوطني على الحوار وباركه.. لكن ببساطة يقع الحوار في ترتيب أولوياته بعد الرقم ألف في أحسن الفروض.
وهذ التصريحات التي يتفضل بها الوطني من حين إلى آخر ويحدد فيها مواقيت (عرقوب) للحوار هي مجرد حالة (حياء) يحس بها الوطني تجاه المعارضة (طيبة الأخلاق) التي ظلت تنتظره منذ مطلع العام 2014. أشبه بشاب وعد فتاة بالزواج فظلت تطارده لتحديد الميقات.. وهو يماطلها بالحجج والأعذار.
الوطني محرج من معارضة غير محرجة من شكلها وهي تنتظر حواراً لن يقوم.. ولهذا تارة انتظروا الانتخابات وأخرى تشكيل الحكومة وأخيراً رمضان (العجب)..
يا سادتي في أحزاب المعارضة.. (حبيبك كان بقي ليك عسل لا تلحسو كلو) هكذا ينص المثل الشعبي.. والمؤتمر الوطني جاملكم أكثر مما يجب بالمواعيد.. فلماذا تصرون على مزيد من الإحراج؟؟
لسان حال المؤتمر الوطني يقول لكم: (أذهبوا وتحاوروا أنتم.. وعندما تصلوا إلى اتفاق.. أدعونا).. وهو موقن ليس بأنكم لن تصلوا إلى اتفاق فحسب.. بل بأنكم لن تتحاوروا من الأصل.