عبدالرحيم محمد سليمان : الافطار السنوي لفرق الجاز السوداني
استقبلت اتصال هاتفي من الاستاذ انور عبد الواحد يدعوني فيه لحضور الافطار السنوي الذى يقيمونه لصالح اتحاد الفرق الموسيقية والجاز السوداني ، وكم سعدت ايما سعادة بهذه الدعوة المشرفة التى تلقيتها منه بدون سابق انذار، وسبب مصدر سعادتي ليست لانها اتت مباشرة منه كصديق اعتز بالعلاقة الاجتماعية المميزة معه ، ولكن لانها لامست فى دواخلي وتر حساس يكن كل الوفاء والتقدير لهولا الافذاذ الذين مهما قلت فى حقهم فاننى لا اوفيهم ولو القليل ممايستحقون من الاطراء والثناء ، فهم امة بذاتها ، وهم شعبة من شعب الجمال ، وهم اكرم منا جميعا ، واجمل منا جميعا بما ظلوا يقدموا من ابداع فني ممزوج برحيق التجرد ونكران الذات ، لقد افنوا زهرة شبابهم لكي يسعدونا ويزيلوا مسحة الكآبة من على وجوهنا ، لقد كانوا ولا زالوا الانموذج الراقي والمثال الحي الذى يجسد الفن كرسالة انسانية يغلب عليها طابع العاطفة وتستحوز عليها تلقائية الاداء . فمن منا لايذكر المبدع كمال كيلا وهو يملي جنبات المسرح طربا وضجيجا يحرك سكون المكان والزمان ، ومن منا لايذكر بالتفصيل روائعه العاطفية ( اجمل يوم انا يوم شفتك ) و( واسعد للقاك ) و ( انا من زمان مرتاح ) و ( القمرة حايمة ) والكثير الكثير من الراوئع التى توجها بالملاحم الوطنية الكبيرة مثل ملحمة ( افريكا يونايتد ) و( نحن افارقة ) و ( وادي النيل ) .. الخ الاغاني التى جعلته يتربع علي عرش الجاز . اعتقد لا احد يستطيع ان ينسي أو يتناسي ذلك ، وبذات القدر من الصعب ان ننسي او نتناسي المبدع القامة الاستاذ صلاح براون _ جلاد العشاق _ كما يسميه البعض ، فالتاريخ ايضا سيتعذر عليه ان يمحو من الذاكرة روائعه التي صاغ كلماتها الشاعر صلاح بشير ( الاخيضر ) و ( اشكيك لمين ) و( الندى الفاح ) و( نحنا كده وظروفنا كده ) و( سيد العيون ) ، جميعها اغاني مثيرة تستفذ صناديد الرجال وتلهب المشاعر ( بكرباج ) الحب . لذلك كنت اعنى عندما قلت فى صدر مقالي انهم اكرم منا جميعا ، واحسن منا جميعا ، واجمل منا جميعا ، وفضلهم علينا كفضل الصحابة على سائر التابعين ، فيكفي فخرا ان الاستاذ شرحبيل احمد هو فنان لا يستطيع حتى جهابذة اللغة ان يقولوا فى حقه مايستحق من العبارات والجمل القمينة بمبدع مثله ، فهو الفنان الراقي صاحب الصوت الشجي والحنجرة الذهبية المجردة من اهواء التقليد والخالية من الوان التبعية الموغلة فى اغراض الفن ، يكفيه فخرا هو صاحب : ( الليل الهادى ) و( ستار يا ليل ) و( تعال يا ليل ) و( لو تعرف الشوق ) وكل الاغاني المرهفة التى لا يجيد غنائها الا اصحاب المواهب الحقيقية امثاله .
بجد انا ممنون وشاكر للصديق انور الذى اتصل بي ليدعوني للمشاركة فى هذا الحدث التاريخي المهم ، فالفرق الموسيقية وفناني الجاز فى السودان يستحقون اكثر من ذلك ، لانهم بما قدموا من اعمال فنية خالده صاروا بالنسبة لنا الملاذات الامنة والاوطان الرحيبة … وللاوطان فى دم كل حر يد سلفت ودين مستحق.. .