عبدالرحيم محمد سليمان : تعقيبا على قرار مجلس العقيدة والدعوة
ان تأتي متأخرا خيرا مما لا تأتي .. هذه العبارة اول من استعملها كمصطلح لغوى ذات مدلول سياسي هو الدكتور حسن عبد الله الترابي ، ذلك الرجل الذى مهما اختلفنا او اتفقنا معه ، يظل هو الرجل العلامة صاحب الفكر الراجح و الاراء السياسية النافزة التى يحسب لها مناوئيه الف حساب – وهو هنا ليس موضوع حديثنا – لكننى حاولت ان استشهد بمقولته هذه لانني وجدت فيها ما ابحث من تقارب يربطها والنقلة الادارية التى اقدم عليها مجلس العقيدة و الدعوة باصداره للقرار القضى باعفاء بعض الائمة من على منابر المساجد ، فهذا القرار وان كان أتى متأخرا لكن على الاقل هو قرار ايجابى يعمل على ضبط جموح بعض الائمة الذين يعتبرون مسألة الدعوة ( جبانة هايصة ) يوظفونها لمصلحتهم بما يخدم الغرض من تشويه صورة الاسلام وبما يشكك فى رجاحة عقول المسلمين ، وهنا لا اود الاسهاب فى مناقب الانتحاريين والحديث عن سفاهة عقولهم التى يستحوذ عليها الشيطان ، لكن ما اود توضيحه هو ان مجلس العقيدة والدعوة تجابهه تحديات كثيرة ، اجلها مشكلة الجهلة الذين يحفظون الخطب الدينية اكثر من ايات المصحف الشريف ، ويخطبون من على المنابر حتى يخيل اليك انهم علماء اجلاء ، واذا ما قاموا للصلاة فضحوا انفسهم لعدم المامهم باحكام القراءة والتجويد ، وامثال هولا كثر قد لا يسع المجال لحصرهم ، لكننى اتذكر صليت خلف واحد من هولا المدعين ، فخطب فينا خطبة عصماء ملؤها التهديد والوعيد حتى ظنيت ان صفة الرحمة ليست من صفات الله ، وعندما استوينا للصلاة اكتشفت من خلال قرأته لسورة الفاتحة انه اجهل من ابوجهل فى قرأة فاتحة الكتاب ، وريثما صلينا توجهت بالسؤال عن ماهية هذا الامام ،فاجابنى ممن يصلى بجانبى : انه من ابناء الحي ، اجتهد فى تلقى العلم من لدن نفسه ، ويحفظ الاربعين حديث النووية ، ويقرأ شذرات من سور القران الكبيرة ، سافر للازهر الشريف لمدة اربعين يوما ، عاد بعدها بقفطان وجلباب ابيض كانا له بمثابة الشهادة الجامعية والاجازة العلمية التى جعلته يعتلى منبر الجمعة ويفتى فى الناس بالحلال والحرام ، وهذا مثال من ملايين الامثلة التى نعيشها ونغض الطرف عنها لا لشي سوى لاعتقادنا بأن العمل فى مجال الدعوة الى الله مجرد مهنة تستوعب طموح الفاشلين الذين يفتقدون موهبة التعايش مع شروط التعليم الاكاديمي ، وبالتالي لا يعنىينا التدقيق من قريب أو بعيد فى المؤهلات العلمية التى يفترض ان تتوفر فيهم ، ( فكلوا عندنا صابون ) كما يقول المثل ، وهو ما تسبب فى الضرر الذى بات يهدد امن وسلامة مجتمعنا ، فى الوقت الذى نمتلك فيه عدد من الجامعات الاسلامية التى تفرخ سنويا ملايين الكفأت العلمية المتخصصة فى مجالات الشريعة والدعوة واصول الدين .. الخ التخصصات الدينية . ولا نستفيد منهم بتوظيفهم فى المساجد لكى يعلموا الناس مبادى الدين الصحيح .
ان امام مجلس العقيدة والدعوة كما اسلفت عدد من التحديات التى يجب ان يتحزم امامها بكل صلابة ويقف فى وجهها بكل حزم لئلا ينفرط عقد الحال اكثر مما هو عليه ، فالاصلاح الحقيقى يبدا بخطوة ، ويبدا بقرار شجاع كالقرار الذى اصدره مؤخرا ، فالحكاية برمتها لا تحتاج اكثر من فتح باب التوظيف لخريجي الجامعات الاسلامية ليحلوا ويستبددلوا هولا الائمة ( الجرقندية ) . لان الذى فى قلبه ذرة من العلم لا يمكن ان يستنبط ما يحلل به استباحة الدماء ، ومن فى قلبه ذرة من الدين لا يمكن ايضا ان يؤم الناس وهم له كارهون . ودواعي العبارة الاخيرة هو اننى من رواد مسجد لقمان الحكيم نصلي خلف امام راتب من خريجي الجامعة الاسلامية يحفظ القران الكريم باربعة روايات ، والمؤسف لا يستطيع ان يصلى بنا الجمعة ، والسبب رئيس لجنة المسجد هو امام الجمعة وهو من يملك حق التعين فى ذلك ، وانتزع هذا المنصب المهم – كما يعتقد – بالمجهود الشخصي وبتضافر مجهود اهل قبيلته الذين تحيط منازلهم بالمسجد احاطة السوار بالمعصم . فالشاهد فى القصة على مجلس العقيدة والدعوة ان يولى الاهتمام الشديد للمناطق الطرفيه لانها تضفح بمثل هذه القضايا بحسبان انها مناطق ذات خصوصية تتمتع بطبيعة الاسترياف الذى يتأثر ويؤثر فى من حوله