عبدالرحيم محمد سليمان : كيف تسحر داعش الشباب ؟
سئلنى احد الاخوة الافاضل عن شكل الطلاسم السحرية الطاغية التى تستخدمها ( داعش ) فى استقطابها للشباب وتوظيفهم للعمل لصالحها ؟ .. فقلت له بالحرف الواحد : لا ادرى ماذا تعنى بالتحديد من عبارة ( طلاسم سحرية ) هل تقصد بها تلك التعويذات التى يرددها الكهنة لاستحضار ملوك ( الجن ) ام انها عبارة متفلته نزلت سهوا بين طيات السؤال ؟ ام استخدمتها كعبارة من باب الضرورة اللغوية ؟ .. لم يجاوبنى على هذه الاسئلة ، بل التزم الصمت وظل يرمقنى بنظرة ثاقبة ، فاستطرد بالقول : من المؤسف ان الكثير من الناس وحتى الحكومات فى شتى بقاع العالم تعتقد ان ( داعش ) منظمة خطيرة بما لديها من نظام ادارى يعتمد الدقة والانضباط التنظيمى فى تنفيذ المهام المتعلقة بالتجنيد والامداد اللوجيستى للمجندين ، وهو الامر الذى يعرى ويفضح جميع هذه الاجهزة المخابراتية العالمية التى تدعى توظيف جهودها فى مكافحة الارهاب ! لان ( داعش ) منظمة متواضعة بصورة لا يمكن ان يتخيلها احد ، كما انها اصغر بكثير من هذه الهالة الاعلامية الضارية التى نسجت منها فزاعة مخيفة تهدد الامن والسلم العالمى .. اما كيف ؟ فارجو ان تعيرنى الانتباه اكثر لاننى اعنى انها تمارس هواية الصيد فى الماء العكر، فليس لديها استراتيجية تجنيد واضحة ( ولا يحزنون ) كل الامر انها تجيد الحركة والنمو بين اطراف الطبقة الميسورة من ابناء المسلمين ، بحسبان ابناء هذه الطبقة ضعاف فى الالتزام التربوى والدينى وهذا الضعف اكتسبوه بما تطبعوا به من ثقافة غربية وبما تعلموا من تعاليم مادية ترسخ لفكرة الخواء الروحى … يحدثنى شاب سودانى هاجر الى بريطانيا كانت هجرته الى امراة ينكحها ودنيا يصيبها ان ما وجده فى بريطانيا من حرية جنسية لا يمكن ان يجده ولا فى الجنة يوم القيامة !! .. فهناك المجتمع مفتوح بصورة مبهرة للغاية فالجنس على ( قفاء من يشيل ) كما يقول المثل السودانى ، والكحول اصناف واشكال والوان والعربدة مسألة حضارية يلتزم بها كل فرد … وهو الامر الذى يحفذ المتأسلمين للوقوف على ابواب المساجد للترحيب بالتائبين من ابناء المسلمين الذين ارتوا حد الطخمة من هذه الملذات ، فدور هولا المتأسلمين مثل دور القسيس فى الديانة النصرانية ، يستقبل التائب و( يطبطب ) على كتفه ويحضنه ويهون عليه مما هو فيه من عزاب الضمير ، ثم يفهمه ان الله غفور رحيم ، ففي الدين الاسلامى مندوحة من الاعمال التى تكفر الكبائر واجل هذه الاعمال واعظمها الجهاد فى سبيل الله فالشهيد يدخل الجنة بغير حساب ، فيصدق التائب ويطلب الشهادة فى سبيل الله طمعا فى دخول الجنة بغير حساب !! . هذه هي استراتيجية ( داعش ) فى التغرير بالشباب وهى استراتيجية تنم عن اساليب بائسة لا تعضدها رؤية دينية واضحة ولا تسندها فكرة سياسية رشيده .. يقول لي احد السلفيين المعتدلين ( انصار السنة ) ان ( داعش ) تنظيم ديني وطيد الصلة بالمحفل الصهيونى ، وان المجاهدين فى صفوفه مجرد ادوات مؤقته تستعملها القيادة فى تحقيق المكاسب المتعلقة باضعاف الامة الاسلامية ، واكد لى : ان دولة العراق والشام التى يفترضها التنظيم هى على وزن شعارات الدولة اليهودية من ( النيل للفرات ) … هذا هو رأى صديقى انصار السنة ، لكننى اتمسك بالقول : ان العلاج الناجع ( لداعش ) يتمثل فى حصارها اعلاميا اولا واخيرا ، فالكثير من الشباب يشذ عن قاعدة المنطق بناءا على المادة الاعلامية التى يهضمها ، وثانيا يجب محاربتها فى مساجد اوربا بارسال البعثات الدينية التى تعلم الناس الدين الصحيح ، يقول لي : واحد ممن زاروا فرنسا انهم دخلوا مسجد فى مدينة ( سان جيرمن ) وهالهم ما وجدوا من البدع التى يحدثها هناك المسلمون .. واعتقد هذا الكلام من الحقائق التى علينا اخزها بمأخز الجد فالمسلمون فى اوربا سئموا العربدة والتعرى والمجون ، واتجهوا يبحثوا عن الحقيقة المتمثلة فى الدين ، فاحدثوا ماشاء الله لهم ان يحدثوا فيه من البدع . لذلك عندما اصر على ان داعش مجرد فزاعة وفقاعة كبيرة فأننى ابنى تصوراتى على انها لا تقوم على افكار المسلمين الحقيقيين ، انما تنهض متكئة على جهود المذنبين الباحثين عن مخرج يحسن علاقتهم بالله سبحانه وتعالي ، بمعنى انها ليست مولودة بالفطرة ولكن نتيجة رباط غير شرعي جمع بين هولا المتأسلمين ومراكز البحوث اليهودية ، وبالتالي يمكن ان تتصوروا مدى الضعف وقيلة الحيلة الدينية التى تستند عليها ، مما ينسف من الاساس فكرة امتلاكها للعبقرية التى تسحر بها الشباب .