ليست مفتعلة
* في أواخر شهر يونيو الماضي كتب الاستاذ مزمل أبو القاسم رئيس تحرير هذه الصحيفة، في زاويته المقروءة (للعطر افتضاح)، مقالاً بعنوان (مفتعلة)، تطرق فيه بالنقد لأزمة الجازولين، التي بدت مظاهرها بادية للعيان، وعن تجربته الشخصية في البحث عن السلعة في عدد من محطات العاصمة، موجهاً النقد لوزارة النفط، التي وصفت الأزمة بأنها (مفتعلة)، وتحدثت عن وجود جهات تتلاعب بالمواد البترولية.
* ينسب الحديث الأخير لوزير النفط، د.محمد زايد عوض، الذي تبوأ منصبه حديثاً، وهو رجل استبشر الجميع بتعيينه في المنصب الحساس لما يمتتع به من كفاءة علمية، تجعله يمثل قيمة مضافة للقطاع النفطي.
* غير أن الوزير الذي قال لنائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن إن أزمة الجازولين مفتعلة، هو نفسه الذي تحدث لجمعٍ من الصحافيين، في حفل تخريج عدد منهم من دورة تدريبية، أقامتها لهم الوزارة، بعد أن استفسروه عن أزمة الجازولين، فبررها بوجود إشكالية في وسائل النقل.
* قبل يومين وقف وزير النفط تحت قبة البرلمان، بعد أن استفسرته لجنة برلمانية عن أزمة الجازولين، فغيرت التصريحات للمرة الثالثة، وقال الوزير إن شح النقد الاجنبي والحصار المصرفي يقفان وراء تأخر وصول البواخر المحملة بالوقود، مشيراً إلى أن أزمة الوقود بدأت تطل في العاصمة السودانية في ذات الوقت الذي كانت فيه البواخر ترسو في ميناء بورتسودان، لكن شح المال ومشاكل التحويلات المصرفية عطلت توزيعها، بحسب الخبر الذي أوردته صحيفة الطريق الاليكترونية.
* ما قاله الوزير لنائب رئيس الجمهورية وللصحافيين ولتواب الهيئة التشريعية يقود في نهاية الطريق إلى التأكيد والاعتراف التام بوجود أزمة في المواد البترولية، وهو الأمر الذي حاولت الوزارة أن تخفيه طيلة الفترة الماضية عن الإعلام، بإيجاد مبررات قد تبدو مقنعة من وجهة نظرهم، ولكن من وجهة نظرنا كإعلام متخصص في قضايا الاقتصاد لا تبدو كذلك، لأن مظاهر الأزمة لا تخفى عن العيون، وشكاوى المزارعين في الولايات الزراعية، من انعدام الجازولين للأغراض الزراعية أسمعت من به صمم.
* دفن الرؤوس في الرمال، وتغيب الحقائق عن الرأى العام لا يجدي فتيلاً.
* أياً كانت المسببات والمشكلات التي أدت إلى حدوث شح وندرة في المواد النفطية، فعلى الجهات ذات الصلة تداركها قبل أن تستفحل، بدلاً من إنكارها، مع ضرورة بحث مسبباتها ومعالجتها على الفور.
* الأهم من ذلك كله ضرورة التسليم بأن الصحافة لا تمتلك مصلحةً في إبراز الأزمات أو تضخيمها، وأنها تستهدف لفت النظر لها كي تحظى بالحل الناجع، وقبل ذلك كشف الحقائق للرأي العام الذي فقد الثقة في التصريحات الرسمية التي تتناقض مع الواقع الثابتة، في عالم تقوده التكنولوجيا، لذلك كله نقول لمسئولي وزارة النفط مؤكدين على أن الأزمة حقيقية، و(ما مفتعلة).
نازك شمام