مزمل ابو القاسم

مزمل ابو القاسم يكتب: التحول الديمقراطي المزعوم


د. مزمل أبو القاسم
* أكثر ما يثير الحفيظة في مسرح الجنون الحالي إصرار بعض المخادعين الجدد على ترديد عبارة (التحول الديمقراطي) في كل محفل، ورمي كل من ينتقد الصراعات المتناسلة، والنزاعات المتطاولة، والإخفاقات المتعددة، والخروقات القبيحة للقانون بأنه شمولي، يرغب في إعاقة مسيرة (التحول الديمقراطي)!
* الناظر إلى تفاصيل ذلك المشهد العبثي بعين المنصف لن يجد تحولاً ديمقراطياً يستحق التباكي عليه، بل لن يجد أدنى أثر للديمقراطية نفسها، لأن الطرفين اللذين وقعا الوثيقة الدستورية حرصا على اكتناز السلطة لمدة ثلاث سنوات، تم تمديدها لاحقاً لسنةٍ رابعة، بُعيد توقيع اتفاق جوبا للسلام.
* المتشدقون بالديمقراطية أصروا على أن يحكموا دورةً رئاسيةً كاملةً بلا تفويضٍ انتخابي، وعللوا فعلتهم بأن الانتخابات المبكرة ستعيد خصومهم القدامى إلى سدة الحكم، وأن البلاد بحاجةٍ إلى وقتٍ طويل (قدّره بعضهم بعشر سنوات) للتعافي من شرور التمكين القديم.
* ما أن تربعوا على مقاعد الحكم حتى قلدوا أسلافهم في تمكينهم وبزوهم فيه، عندما برعوا في تخصيص المناصب والمخصصات للمناصرين والمحاسيب، بمعزل عن أي منافسةٍ حرة، وبتجاوزٍ كامل لكل القوانين واللوائح التي تحكم التوظيف في دواوين الدولة!
* لاحقاً جاهر بعض الشموليين الجدد برغبتهم في تمديد الفترة الانتقالية إلى عشر سنوات، وصرنا الدولة الأولى في العالم التي يهدد فيها العسكريون المدنيين بالانتخابات.
* التحول الديمقراطي يتم باحترام القانون، والقوى السياسية التي تحكم الفترة الانتقالية بدأت عهدها بتزوير دستور الفترة الانتقالية، بشهادة الدكتور إبراهيم الأمين نائب رئيس حزب الأمة القومي.
* في العهد الحالي شاهدنا أقبح مظاهر تجاوز القانون، وانتهاك الدستور، بمحاكمات سياسية، تمت خارج ساحات القضاء، ولم تسلم من جحيمها أجهزة العدالة نفسها، فتم طرد أكثر من مائتي قاضٍ من وظائفهم بقراراتٍ أصدرتها لجنة سياسية، مثلما تم إعفاء المئات من وكلاء النيابة ومستشاري وزارة العدل، بحجة أنهم نالوا وظائفهم بالتمكين.
* أكثر من ثمانية آلاف موظف حكومي تم تشريدهم من دون أن ينالوا أي فرصة للدفاع عن النفس، وعن مصادرة الأموال والأسهم والممتلكات حدث ولا حرج، فقد تم ذلك للآلاف بلا محاكمات ولا سماع ولا فرصة للدفاع عن النفس، ولا حتى مجرد إخطار للمتهم بأنه متهم.
* من ينفخون أشداقهم بالحديث عن التحول الديمقراطي تعمدوا تغييب المحكمة الدستورية طيلة فترة حكمهم، كي لا يتم اللجوء إليها للطعن في تشريعات وأحكام تخالف الوثيقة الدستورية، وتنتهك أبسط حقوق الإنسان.
* الديمقراطية تقوم على ترسيخ قواعد العدالة، وتستند في أساسها على احترام القانون، وفي هذا العهد الكئيب لم نرَ إلا الاجتراء على القانون، بدءاً بالوثيقة الدستورية نفسها، عندما تم انتهاكها بجرأة عجيبة، لنيل حق تعيين رئيس القضاء والنائب العام ابتداءً، ولتمكين الأحزاب التي وقعتها من التحكم في مفاصل الحكم، على الرغم من أن الوثيقة نفسها نصت على تكوين السلطة التنفيذية من كفاءات وطنية مستقلة!
* الأكثر إثارةٍ للاستغراب أن من زوروا الوثيقة كي ينالوا حق تعيين رئيس القضاء والنائب العام طردوا رئيس القضاء والنائب العام من منصبيهما لاحقاً، مع أنهما غضا الطرف عن الانتهاكات الجسيمة التي تمت للوثيقة نفسها، ولكل القوانين التي تحكم البلاد.
* من يتشدقون بالحديث عن التحول الديمقراطي رفضوا تكوين المجلس التشريعي أكثر من عامين، كي ينفردوا مع شركائهم بحق التشريع، ويعدلوا عشرات القوانين بمعزل عن أي برلمان.
* من يتحدثون عن التحول الديقراطي لا يطيقون سيرة الانتخابات، ولا يجدون حرجاً في دمغ كل من ينتقد الشمولية الجديدة بإشهار سيف التخوين في وجهه، وإطلاق تهمة (الكوزنة) عليه.
* أفعالهم تخالف أقوالهم.. وميكافيليتهم تشهد عليهم.. يكذبون بلا خجل، ويمارسون أسوأ أنواع الشمولية والظلم والتشفي والانتقام، وينتهكون كل القوانين باسم تحولٍ ديمقراطيٍ لم نرَ له أثراً حتى في الأحلام!

صحيفة اليوم التالي


‫8 تعليقات

  1. حسب علمي البسيط اول خطوات التحول الديمقراطي هو اجراء الانتخابات.

  2. د.مزمل احسن كان للقحاطة يرفعوا ليك الحظر عشان تكتب عن زبيدة بدل ردمك اليومي ليهم …بكرة يوم صعب عليهم هم وبني ماركس الملاعين سارقي ثورات الجوعي

  3. كل حرف في مقالك حقيقى لكن للاسف حمدوك وجماعته لا يقراون ومن المفروض ان تصلهم هذه الافكار التي تعبر عن الشعب من المستشارين لذا تجد حمدوك الديكتاتور الجاهل يختار المستشارين اكثر ديكتاتورية منه عرمان الذي يجيد الحديث عن الجماهير ولا يستطيع الحديث عن الانتخابات ولا يقبل لتكوين مجلس تشريعي .
    نطالب بتكوين مجلس تشريعي حماية الثورة ويحاكم حمدوك على فشله قبل ان يقيله .

  4. وجودك وأنت بوق بتاع الإنقاذ والكضاب ومازلت تكتب وتسئ وتبخس وتثبط الهمم تجاه حكومة الثورة أكبر دليل بوجود تحول ديمقراطي..البتكتب فيهو ده لو كتبتو زمن نافع وفأر الفحم الليلة كان إسمك بقى الشهيد مزمل..!

  5. يا سلام عليك يا أستاذ مزمل فقد كتبت وكفيت ووفيت وجلدت أحزاب وحكومة وإعلام وقطيع عصابة 4 طويله فى ظهروهم العارية بسوط العنج حتى أدْميتها لهم !!

  6. شكراً ثم شكراً وتانى شكراً ويا سلام عليك يا أستاذ مزمل فقد كتبت وكفيت ووفيت وجلدت أحزاب وحكومة وإعلام وقطيع عصابة 4 طويله فى ظهورهم العارية بسوط العنج حتى أدميتها لهم !!

  7. هذا المقال يعبر عن اقل الحقيقة لانو 4 طويل باعو الدم مقابل منصب بعدين باعو قيمهم وبعدين باعو السودان مقابل سلطة للنهب والظهور ….. حمدوك يعين الكفاءة آب سفة لإدارة مكتبه ولم ان تتخيل وزير العدل لم يفق من مريسته……. وزير الأوقاف لم يجد عباد الحجر بعد ……هذا مستوى الحكومة

  8. ابتلى السودان بانصاف المثقفين واصبحت الصافة ملاذ لهم فهى مهنة من لا مهنة له فى السودان فللصحافة دور رائد للتثقيف وشحذ الهمم والانتقال بالبلاد الى اللحاق بالركب فقد ابتلينا بقاصرى النظر وصحافة المصالح فاساس كل نهضة وجود صحافة حرة تقودها اقلام وواعية ذات ثقل لاصحافة حائطية مصيبة هذه البلاد فى مثقفيها فصحافة الارتزاق والجهل هى العدو الاول للامم لن يعود عهد العهر والارتزاق