صور “الزواج” في مواقع التواصل الاجتماعي.. أوضاع خطيرة
ليس غريباً أن ترى صورة زفاف عروسين عبر الواتساب أو الفيسبوك وهما يقفان جنباً إلى جنب، ولاسيما في ظل التطور التكنولوجي الذي أتاح الفرصة للعروسين باستخراج عدد محدود من الصور الفتوغرافية الموثقة لليلة العمر، ونسخها ثم توزيع أكبر عدد منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن من الغريب أن تشاهد وسط تلك التصاوير، العروس وهي تدوس على صدر عريسها برجلها بعد استلقائه على الأرض مبتسماً، وغيرها من الصور التي لا تحترم ذلك العريس، ولسان حال العروس يقول (ضبحت كديستك)، وبالرغم من رواجها الواسع، إلا أنها تظل غريبة على مجتمعنا الذي يعرف باحترام وتقدير الرجل، ماذا حدث لمجتمعنا السوداني؟ وما هي دوافع تلك الصور؟
رقيب اجتماعي
عدَّ د. نصر الدين الدومة، أستاذ علم النفس بجامعة الخرطوم، موسم الأفراح من كل عام موسماً لتعبير الأشخاص عن مكنوناتهم تظهر فيه اختلاف وجهاتهم وفقاً للمستحدثات التي تدخل النسق الاجتماعي بين الحين والآخر، التي ارتبطت بالتوسع الكبير وكثافة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة لنقل الثقافات والتقاليد من مجتمعات لأخرى. وقال: لذلك من الطبيعي أن التعبير عن الفرح في المناسبات لا يتقيد بعادات وتقاليد المجتمع السوداني.
وأكد د. نصر الدين أن ما يحدث من تغيير في التقاط الصور الفتوغرافية الغربية الموثقة للزواج يعبر جزء منه عن نقل لعادات وتقاليد وثقافات مجتمعات أخرى، ويعبر الجزء الآخر عن (ثقافات خاصة) ترتبط ببعض الذين ينشدون الشهرة بالأتيان بكل ما هو شاذ، ليس على مستوى الثقافات المحلية فقط وإنما العالمية أيضاً. وأضاف: فهناك ثقافات لا ترتبط أحياناً بالقيم المحلية أو حتى الدينية لكنها تعبر عن حالات أو حاجات خاصة للأفراد والمجموعات، مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي في نشرها.
وحذَّر أستاذ علم النفس من انتشار مثل تلك الظواهر السالبة التي أكد احتياجها لرقيب اجتماعي حتى تواجه بشكل مباشر من قبل الأسرتين، لاعتمادها على التقليد، وأن التقليد كما أبان حالة نفسية تضع الشخص موقف ضعف، وتعبر عن ما يحدث من صراع في القيم، فضلاً عن أنها تضع الثقافة السودانية مقابل الثقافات التي ترتبط بالعولمة ولا ترتبط بالمجتمعات، وأكد أن مواجهتها تحتاج من المجتمع الوقوف عندها.
وضع خطير
من جهته، قال: د. الناجي محمد حامد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزيرة إن السودان لا يعيش بمعزل عن ما يحدث من تحولات عالمية، لكن للأسف ما يحدث فيه من تحولات وتغيرات في الجانب القيمي والأخلاقي، أكبر وأعمق من ما يحدث في الجانب الاقتصادي، وهو في أغلبه تحول سالب، بجانب أنه استغلال سيئ لوسائل الاتصالات، لاسيما في ظل ما حدث من اندماج في ثقافة الآخر.
وأرجع د. الناجي ما يحدث من تغير اجتماعي إلى حالة الفراغ التي يعيشها الشعب الآن، وعدم المسؤولية، بالإضافة إلى ضعف الرقابة المجتمعية. وأردف: “وكأن البوصلة ضاعت من الناس”. وأصبح الانترنت والواتساب مرتعان خصبان لتداول تلك الثقافات الدخيلة، وتساءل أين الأهل من كل ذلك؟ وأين الخصوصية والإنسانية؟ وأضاف: إذا تقاضينا عن المسائل المادية وما وصلنا إليه من مستوى معيشي مزرٍ نجد أن ما نمر به تدهور أخلاقي خطير، قياساً بالدول الأخرى ما يوجد بالسودان أخطر من أي دولة لما في شارعه من قيم مختلفة. وقال: لا أدري ما هي الأسباب التي عرجت بالشباب إلى هذا المنحى الخطير، لذلك الموضوع يحتاج لدراسة حتى نقف على الأسباب ونضع المعالجات السريعة والجذرية لأن ما يشاهد غير منطقي وغير مقبول، بل إن الوضع خطير
اليوم التالي