علا الفارس : عملٌ لا يضيع
كم يبذلُ الإنسان من الجهد والتعب تجاه الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، سواء كان للحصول على ترقية في العمل، أو التقرُّب من قلوب أحبها، أو أي هدف آخر، على اختلاف طبيعته، فتجد الكثير منا لا يَكلُ ولا يملُ من المحاولة والإصرار، لأن شيئا في داخله يحثه على الاستمرار.. وحينما تكون الآمال كبيرة، يحدث أحيانا أن تكون الخيبات أكبر، وخاصة إذا تعلَّق مصير ذلك المشوار بقرارات أشخاص، قد لا يملكون من الإنصاف ِأبسطه.. فتشعر بأن جهدك وتعبك ضاعا سُدا، ربما لأنك حينها “لم تنتظر رد الجميل، بل القليل من التقدير”.
عملٌ واحدٌ في هذه الدنيا لن يضيع، مهما أهملوك أو ظلموك وردوا المعروف بنكرانه.. إنه “الخير”، فوحده لا يضيع هدرا، مهما صغر.
هل جرَّبت مرةً أن تزرع بسمة رضا على شفاه ساخط، أو أن تزرع بسمة أمل على شفاه قانط، أو أن تزرع وردة حبور في حديقة بائس محزون؟!.. جرِّب، فهنا يكمن السر.
على الإنسان أن يفعل الخير للخير، وينتظر الثواب من الله فقط، لأن بعض الناس قد ينسى ما قدَّمت له من معروف وجهد، “وما كان ربُّك نسيّاً”.. ولأن بعض الناس قد يضيع ثواب الأعمال الحسنة، لكن الله لا يُضيعُ أجر من أحسن عملا.
لذلك، قال حكيم الجاهلية وشاعرها زهيرُ بن أبي سلمى:
ومنْ يجعلِ المعروفَ في غير أهله
يكن حمدُهُ ذمّاً عليه ويندم
افعل الخير، ولا ترمه يوما بحجر، ولا تنتظر تقدير الآخرين لصنيعك، فوحدهم أصحاب الأيادي البيضاء في هذه الدنيا جرَّبوا ذلك، ويدركون أن الله لا يضيع أجر المحسنين، وهنا يلوح في خاطري قولُ الحطيئة:
مَنْ يفعل الخيرَ لا يَعدَمْ جوازيَهُ
لا يذْهبُ العُرْفُ بين اللَّه والناس
تأكد أنه لن يزور قلبك السرور، إلا إذا أدخلته أولا على البائس والقانط والمحتاج.. ولتكون هكذا، يتوجب أن تكون مخلصا في جهدك، وأن يحثك شعور نابع من صميم قلبك، وحرص على فعل الخير لذاته، وإلا لن تشعر بذلك الشعور النبيل، وتذكر ما من عمل خير يضيع.
ازرع جميلاً ولو في غير موضعه
لا يضيع جميلٌ أينما زُرِعا
وكل عيد فطر وأنتم الخير.