عادل ابراهيم حمد : نصيحة إلى رئيس حركة تحرير السودان
مع مطلع شهر أغسطس أصدر رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي بياناً ثمن فيه تضحيات أهل دارفور ودعاهم للوحدة وإنتقد تقاعس المجتمع الدولي تجاه أزمة دارفور وهاجم القادة الأفارقة الذين لزموا الصمت وغضوا الطرف عن تجاوزات النظام السوداني حسب ما جاء في البيان, كما هاجم الإتحاد الأفريفي والجامعة العربية ومجلس الأمن.. ولم يفت على البيان التذكير بالمظالم التي ظل يمارسها المركز طيلة العهود الوطنية منذ فجر الإستقلال.
الذكرى الثانية عشرة للثورة التي صدر البيان في مناسبتها تفرض أن يكون جوهر البيان هو تعديد إنجازات الثورة لأهل دارفور الذين أشعلت الحركة نار الحرب بإسمهم, وتسليط الضوء على معالم التغيير التي طرأت على حياة مواطني دارفور بعد تفجير الثورة ذات الرؤى الثاقبة, وكشف ملامح النصر القريب.. لكن جاء البيان في مجمله لائماً للآخرين ناعياً عليهم خذلانهم لأهل دارفور, وكأن هؤلاء الآخرين هم المسئولون بالأصالة عن (القضية).. تفسير هذا المسلك العجيب هو أن الحركة تخشى تقييم مسيرتها حتى لا تواجه حقيقة فشلها, حتى في المحافظة على الحياة البسيطة الآمنة التي كان يعيشها القرويون البسطاء قبل أن تشعل الحركة هذه الحرب المدمرة.. لذا تفر هاربة إلى مسائل فرعية مثل لوم القادة الأفارقة والجامعة العربية ومجلس الأمن.. ومن أعجب ما جاء في البيان تحية رئيس الحركة لـ(الأهل في معسكرات اللجوء والنزوح) رغم أن هذه الجزئية تدين الحركة وتؤكد فشل خيارها العسكري.
هذا نتاج طبيعي لحركة تفتقد البوصلة, وتعاني من كسل الذهن السياسي حتى أنها لجأت لتقسيم المسئولية الوطنية بالتساوي بين كل الأنظمة الوطنية حتى تتجنب تقديم رؤية عميقة تتطلب مشقة البحث والدراسات, بل لم ينتبه رئيس حركة تحرير السودان إلى أن إدانته المعممة تشمل حلفاء له في المعارضة السلمية شاركوا في أنظمة ديمقراطية لم يبلغ عمرها ثلث عمر حركته.. ومع ذلك يحمل أستاذ حركة تحرير السودان قلم تصحيحه فيسقط كل القوى السياسية في إمتحان الأداء السياسي, ويستثني أوراق حركته وكأنها دخلت المعترك السياسي قبل شهر واحد.. ومن عجائب حركة تحرير السودان أيضاً إصرارها على الإبقاء على هذا الإسم الذي يشمل القطر كله, على الرغم من فشلها في تعريف محدد لقضية إقليم دارفور.
النصيحة التي يمكن أن تقدم لرئيس الحركة هي التقييم الأمين والدقيق لحصاد الحركة بعد مضي هذه الفترة الطويلة على التأسيس.. هذا هو الجوهر المفترض في البيان, لا توزيع الملامات على آخرين لا يملي عليهم الواجب نصرة قضية ليسوا طرفاً فيها.