عثمان ميرغني

قصتي مع سائق التاكسي


بكل أسف لم يلتفت أحد– سوى صحيفة التيار- لقرار كبير أشار إليه الفريق أول بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي الأخير..
بكري أكد أن حزمة قرارات الإصلاح تتمدد لتشمل فصل النائب العام عن وزارة العدل.. وهو خبر لو تعلمون عظيم يعطي الإصلاحات مصداقية وجدية..
وللحقيقة.. أن مجرد استدعاء قاضٍ من الاغتراب في الإمارات العربية إلى الخرطوم.. وتعيينه في منصب نائب رئيس القضاء.. ثم تكليفه بكرسي وزير العدل.. رغم أن هذا القاضي معروف بآرائه الإصلاحية الجريئة.. كفيل بأن يمنح الحكومة علامة مرور هي في أمس الحاجة إليها.
مولانا د. عوض حسن النور كتب في كثير من الصحف يدعو إلى إصلاح قانوني وعدلي شامل.. ولم يكن في إمكانه أن يفعل غير الدعوة لهذا الإصلاح حيث لم يكن في يده القلم.. لكنه الآن في قلب دائرة القرار..
صحيح لحظت أن بعض المشفقين عليه يخشون من أنياب مراكز القوى التي تتربص بمثل هذه الإصلاحات وتحاول كتم أنفاسها (في المهد صبياً).. أصحاب المصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه.. مما يتطلب مزيداً من الالتفاف حول هذه الإصلاحات حتى لا تموت قبل ولادتها..
وزارة العدل ظلت حيناً من الدهر تحظى بانصراف قلوب الناس عنها.. ربما لأنها ارتبطت بقضايا شهيرة كانت اختباراً قاسياً لصدقيتها.. وكان لي معها صولات وجولات أودعتني السجون أكثر من مرة.. وقد سردت في عمود (حديث المدينة) عندما كان في صحيفة (الرأي العام) الغراء.. قصة سائق التاكسي الذي أوقفته وقلت له (أوصلني إلى وزارة العدل) ردّ عليّ بمنتهى العفوية (لا أعرف طريق وموقع وزارة اسمها العدل.. لكني مستعد لتوصيلك إلى وزارة الظلم..).. وعندما أوصلني ودخلت على وزير العدل- حينها- سردت عليه قصة سائق الناكسي.. ولا أنسى كيف أطرق في حزن قليلاً.. ثم قال لي (بكل أسف……).. ولن أكمل لكم الجملة التي قالها لأنها صادمة جداً.. لكن ارجعوا إلى أرشيف (الرأي العام) وستجدونها..
المهم- الآن- الحكومة تسير في الطريق الصحيح.. وتحتاج إلى دعمنا.. فكما من الشجاعة أن ننتقدها بألسنة حداد.. فأشجع من ذلك أن ننصفها ونحسن القول عنها ونشجعها في الطريق المستقيم..
أنا أدرك أن مثل هذه الإصلاحات تضعف حجج المعارضة وشعاراتها.. لكن يجب ألّا يقوم التنافس السياسي على مفردة الكسب الحزبي فقط.. الالتفاف حول القضايا القومية ذات المصلحة العامة يجب أن يرتفع فوق أي تنافس أو كسب سياسي..
من الحكمة أن تعوِّل المعارضة على (دولة القانون).. أن تجعل منها القضية المحورية القومية والوطنية العظمى.