الإغتراب للعاصمة!
لا أدري لماذا تنزعج حكومة ولاية الخرطوم من تزايد توافد سكان الولايات لها، في ظل غياب الكثير من الخدمات المهمة بالولايات مع أن هذا لا يعني جودتها بالخرطوم، والشاهد أن الواقع يقول إن أوضاع الولايات مزعجة في حجم معاناتها في الكثير من أوجه الأمور والخدمات، ناهيك عن أوضاع تدفع بالكثيرين للبحث عن موطن وهجرة إلى دول أخرى، ولا نستبشر كثيراً بدراسات وخطط الحد من اضطرار توافد أهل الولايات للمركز، لأن التجارب أثبتت أن التنظير والخطط والدراسات لا تنزل لأرض الواقع، كما هو المأمول لها ودائماً كما ترون بعينكم الواقع لا ما تتمنون، عندما يمرض أهل الولايات يأتون للعاصمة، وعندما يحتاجون لاستخراج الأوراق الثبوتية يأتون للعاصمة، وعندما.. وعندما.. فكيف بالله عليكم تظنون أن حركتهم يمكن أن تحدها محاربة الهجرة للعاصمة، والتي هي أيضاً موقع مؤقت للهجرة إلى خارج الحدود، والزائر للولايات يدرك الحقيقة المثبتة عن بطء التنمية حتى البني التحيتة لا ترتقي إلى حدود التأكد من أن الخدمات تحت سقوفها تقنع الكثيرين بالاكتفاء الذاتي منها (إقليمياً أو ولائيا).
دون الاقتحام لحدود العاصمة التي يجتهد أهل القرار فيها للحد من هذه الهجرة الداخلية.. نعم من مصلحة الجميع أن تكون الولايات في أوج عظمها وقوتها مستقرة ليس فقط لأهلها، بل حتى للكفاءات من المركز.. متى ما كان الهجرة للريف سليمة كانت دليل عافية ومقياس حركة تنمية واسعة لعموم دولة السودان.. ففي ماضٍ لم يكن بالبعيد كانت الخدمة المدنية ركائزها المحطات الولائية أو على الأصح الأقليمية.. حيث يفضل الكثيرون البدء من هناك، حيث الهدوء والاستقرار في العمل ومخفزات الذهاب إلى هناك عن رغبة وطواعية، وكم كانت الرحلات من وإلى الأقاليم منسابة دون أي ضجر منها أو من المركز، بل أن الكثيرين بنوا مجدهم الخدمي.. من هناك بدأوا فأذابوا قبائلهم في قومية رائعة دون أن يكون هناك حسس أو غبن أو انتقاص، وكان يمكن أن تتطور حركة القطارات والمصانع والمشايع والاستقرار.. متى ما أرادت حكومة المركز والخرطوم الراحة من قدوم أهل الولايات عليهم بذلك العود الجميل.
آخر الكلام: أعيدوا السكة الحديد، المشاريع، المصانع، ووفروا فرص السكن والمحفزات للشباب تجدون التنمية وتتمنون أن يأتي اليكم أهل الولايات. مع محتبي للجميع.
اعيدو الحياة لمشروع الجزيرة سستجدون وطنا يسع الجميع