عادل عبده : هل تصدق الأحزاب السودانية بلا جماهير؟؟
الأحزاب السياسية السودانية تعطيك صورة كاذبة حول اكتظاظ العضوية داخل أسوارها وأن الثقل الجماهيري هو الذي يمثل الرافعة القوية التي قادتهم إلى السلطة والحكم.. وسرعان ما تكتشف أنك مخدوع وأن الدعاية التي وصلت إليك حول ارتكاز معظم الأحزاب السودانية على العضوية الواسعة الملتزمة مجرد أحاديث براقة!!
وإذا كانت المحيطات تسمع أنين الحيتان في المياه العميقة فإن قواعد الأحزاب السودانية بحسها العادي وإدراكها الواعي تلتقط كل صغيرة وكبيرة داخل هذه الكائنات السياسية.. إن ما يثير القلق والألم هو أن الجماهير صارت قليلة الحماس في المشاركة الحزبية وأن بعضها قرر الذهاب من الأسوار بلا عودة.. كيف لا فالجماهير أمامها طاحونة الانقسامات والتشرذم لهذه الأحزاب وأيضاً تشاهد صور الجسد المنهك على حافة الهلاك في باحة تلك التنظيمات، بل أن العضوية الحزبية في معظم الأحزاب السياسية صارت تنظر إلى السيرك الذي يموج باللاعبين المهرجين والقيادات السياسية القابضة على منصة الدعامة دون التفكير في إفساح المجال للدماء الشبابية.
في الصورة المقطعية صار ميكانيزم العضوية الحزبية الجاهز يتم عن طريق لوبيات المصالح والمنافع التي لها قدرة هائلة على إحضار عضوية المواكب السياسية والاقتراع الانتخابي على جناح السرعة، ومثل هذه التصرفات موجودة في بعض الأحزاب الغنية التي لا تريد مفارقة السلطة.
هنالك أحزاب المعارضة هي بذات القدر لا تتوكأ على جماهير عريضة حيث تعاني أيضاً من أمراض كثيرة جعلت أحجام العضوية أمراً واقعياً في داخلها.. فالواضح أن الجماهير التي خرجت إلى الشارع في أحداث سبتمبر 2013 لم تكن لها علاقة بالكيانات المعارضة.
انسحاب الجماهير على سُلم التدرج من الأحزاب السودانية مبني على العقلية الاحترافية الذكية والهمة الوطنية الموجودة في كنانة السودانيين، فهؤلاء لا يخفى عليهم أن المؤتمر الوطني نال سانحة التجريب ولم يفلح كثيراً وأن الاتحادي الأصل صار الآن مثل تركيا العثمانية وأن أحزاب الأمة المشاركة في السلطة يعوز عليها ملء نصف مركبة من البشر وما تبقى من الكيانات الأخرى فحدث ولا حرج.
هكذا ترفض الجماهير السودانية أسلوب المخادعة والمنهج الدعائي البراق لبعض الأحزاب السودانية، بل أن بعض العضوية في هذه الكيانات يمكن أن يمارس فراقاً قاطعاً كضربة سيف في وجه الرموز الفاشلة التي تريد أن تكسب الصولجان على حساب المبادئ والقيم النبيلة.
بناءً على تلك المعطيات.. هل تصدق أن الأحزاب السودانية الآن بلا جماهير؟؟.. الإجابة على لسان الرجل البسيط تظهر هكذا (خلونا واضحين).. نعم معظم الأحزاب السودانية أصبحت بلا جماهير ملتزمة فالجماهير توجد في التربة الواعدة الصالحة وتضع فيتو كبير على الذين يحاولون سرقة إرادتها من حملة شعارات الارتزاق!!