حسن اسماعيل : الرجل الثاني
من هو الرجل في كل حزب وفي كل الأنظمة السياسية التي حكمت السودان؟ وهل توجد مكانة حقيقية لرجل ثانٍ أم هو مجرد ظل للرجل الأول وامتداد له سواء كان في الأحزاب والأنظمة الحاكمة؟ هل يستمد الرجل الثاني موقعه من تفصيلات دستورية أم يستمده من تفضل الرجل الأول؟
من هو الرجل الثاني في نظام عبود؟ أنا شخصياً لا أعرف فمن الذي يتفضل بالمعلومة؟ وهل كان له نفوذ حقيقي؟ أم مجرد نيابة شكلية؟
وفي مايو الأولى هل كان عبد الخالق محجوب هو صاحب النفوذ الحقيقي الذي يضعه في المرتبة الثانية؟ أم أنه الشفيع أحمد الشيخ أم فاروق حمد الله؟ وثلاثتهم صعد إلى حبل المقصلة في مايو بعد أن أشتعلت الحرب بين الحلفاء؟
الذاكرة العامة لا يستقر في زواياها اسم قائد ثانٍ لمايو صاحب نفوذ حقيقي ما بعد مذبحة الشجرة، فكلهم كانوا يحصلون على هذه الصفة بواسطة فرمان تعيين وسرعان ما يتم إعفاؤهم وبذات الفرمان ولكن يظل سوار الذهب ورغماً عن أنه لم يكن صاحب نفوذ حقيقي، ولكنه يبقى صاحب أهم وأخطر قرار في تاريخ مايو وهو يعلن تصفيتها رسمياً، ووضع حد لمسيرتها.
في الحقبة الأولى من الإنقاذ برز الترابي كصاحب نفوذ مستتر باعتباره قائد الحركة الإسلامية الشريك الأول في حكم الإنقاذ.
في الديمقراطية الثانية لمع اسم الشريف حسين الهندي كمعامل مهم في تأليف الشراكات وفضها والتأثير على مسار سيرها إلى حد كبير.
في حزب الأمة غابت ملامح نفوذ الرجل الثاني، فالدكتور عمر نور الدائم عليه الرحمة والذي يجلس على مقعد الرجل الثاني في هذا الحزب الكبير ولكنه كان (ينوب فقط عن الصادق أكثر من كونه نائباً) أو رجلاً ثانياً في الحزب له من نفوذ الموقع الثاني.
أفضل من مر على مربع الرجل الثاني وحمل هذه الصفة بحقها هو الأستاذ علي عثمان محمد طه، فقد ظل الرجل الثاني في الحركة الإسلامية منذ منتصف السبعينات إلى حدود العام 99 تاريخ المفاصلة التاريخية في حكومة الإنقاذ، المدهش أن الشعبي خرج من الحكومة وظل علي عثمان في مكانه الرجل الثاني، ولكن هذه المرة الرجل الثاني للرئيس البشير وليس للشيخ الترابي.
يا ترى من هو الرجل الثاني في تاريخ الحزب الشيوعي؟ ومن هو الرجل الثاني في الحركة الشعبية؟ ملاحظة يجب ألا ننساها وهي أن قرنق الرجل الأول في الجنوب كان يستعد ليصبح الرجل الثاني في الخرطوم، ملاحظة أخرى جديرة بالانتباه وهي أن بعض الذين ترقوا إلى مقام الرجل فشلوا أيما فشل وكأنهم لا يحسنون إلا أن يكونوا في مكانهم (رجل ثاني)؟ أنا هنا لا أتحدث عن سلفاكير وحده!!
أنا هنا أخرج طرف الخيط وأترك الباقي لصحفي تحقيقات شاطر يثري رحلة البحث والتنقيب عن سيرة الرجل الثاني في الحياة السياسية السودانية.