عثمان ميرغني

هل (ترضى) أم (تقبل)..!


د. أمين حسن عمر، في اللقاء الصحفي الذي أجريناه معه قبل عدة أيام.. قال إن الشعب السوداني غير راضِ عن المؤتمر الوطني وحكومته.. لكنه يقبل بها..
يرى أمين حسن عمر، أن هناك فرقاً بين (الرضاء) و(القبول) وضرب مثلاً لذلك بالمريض الذي يأمر الطبيب بقطع ساقه.. هو غير راض عن قطع ساقه.. لكنه (يقبل) بذلك لأن الخيار الآخر أشد مرارة..
وحسب أمين حسن عمر.. فإن الشعب السوداني مثل ذياك المريض.. هو غير راض بحكم المؤتمر الوطني.. لكنه (يقبل) به عندما يتلفت يمنة ويسرى ويرى الخيارات الأخرى..
هذا اعتراف كبير من رجل في الصف الأول للإنقاذ منذ ولدت.. لكنه لا يكتفي بهذا الاعتراف.. بل يضع مزيداً من الأحمال على كتفي المعارضة السودانية.. يقول أمين حسن عمر.. لو توحدت المعارضة تستطيع أن تتسلم الحكم على طبق من ذهب.. ويضرب مثلاً بدولة كينيا.. ظل حزب جومو كينياتا ممسكاً بالحكم عقوداً من الزمان بلا منازع.. لكن ما إن توحدت المعارضة ونازلته على قلب رجل واحد حتى انتزعت السُلطان عن جدارة..
ربما ما قاله أمين صحيح.. ويصلح (هدية) منه مجانية للمعارضة السودانية.. لكن هل تستطيع المعارضة السودانية أن تستثمره وتصنع منه برنامج عمل رشيد؟؟ الإجابة بكل أسف ..لا .. ولا كبيرة..
فالمعارضة السودانية تحلم بإحدى الحسنيين.. أيهما يأتي أولاً (وللدقة أيهما يأتي سهلاً).. إما (استسلام) بطامة كبرى يأت بها الحظ السعيد.. أو (تسليم) بكامل طوع واختيار المؤتمر الوطني من خلال مشروع (الحوار الوطني)..
أصعب مهمة يمكن أن تُطالب بها أحزاب المعارضة أن تجتمع على صعيد واحد.. وعلى قلب رجل واحد.. فـ(كل حزب بما لديهم فرحون).. وداخل كل حزب أحزاب معلنة وأخرى مستترة تنتظر لحظة الطلق وصرخة الميلاد..
فقه التنوع داخل أسوار الحزب الواحد.. أو المدارس الفكرية والمنهجية داخل الإطار الواحد هي من شيم الأمم المتحضرة.. التي تتحد نظرتها للغايات والأهداف.. وتختلف فيسبلها للوصول لكن لنفس الغايات.. فلا يزيدها اختلاف وجهات النظر إلا قوة وقدرة على المراجعة وتمحيص المسار..
أما عندنا هنا؛ فأسهل ما يمكن لسياسي أن يفعله أن يصدر بياناً يهاجم فيه الآخر.. و(الآخر) هذا هو كل شيء يتحرك على سطح الأرض.. ثم أسهل من ذلك كله أن يعلن الانشقاق والانسلاخ في حزب لا يبذل حتى رهق البحث عن اسم مختلف له.. يكفي إضافة كلمة واحدة للحزب المنُسَلَخ عنه.. فيصبح لدينا عشرة أحزاب تبدأ بكلمة (الاتحادي).. ومثلها من الأحزاب التي تبدأ بكلمة (الأمة) وحزبان يبدآن بكلمة (مؤتمر)..
يصبح السؤال المنطقي.. كيف يمكن صناعة معارضة واحدة قوية.. امتثالا ً لما لقول أحد الساسة المرموقين (المعارضة الضعيفة هي التي تصنع حكومة ضعيفة.. وليس العكس..).
أترك الإجابة لكم..