حسين خوجلي

أشتــات الثلاثــــاء


«1»
< لكل حملة أجنبية حكومة محلية وجيش وإعلام وصحف واشاعات ونكات ومفتي ينتظر بالخارج!! .. فحتى الإستعمار يا سادتي يحتاج لفقه وفقيه ومحلل!! «2» < سأل عن فتاة حسناء في الحارة لها كبرياء وجمال.. كان غريباً يحلم بالقرب، ولسوء حظه وحظها قابله الحاسد الأول لذات الكبرياء وتبرع بالتقرير الأول الكاذب «هذه مجرد ساقطة» قال لصديقه لم اتزوجها مع أنني أعلم أنها «بريئة» ولكني لن أنسى الكلمة، خاصة حين أطلقها بالعامية السودانية. في الإعلام هناك مذهب يقول «ولكنها كلمة قيلت». وأذكى أنواع الإعلام هو الذي يصنع هيبة حول القيادات والافكار حتى لا تقال الكلمة.. عزيزي القارئ: هذه الحكاية عن السياسة رغم المدخل الاجتماعي. «3» < على محرري الصفحات الثقافية أن يجتهدوا ليجدوا لنا نص خطاب عبد الله النديم شاعر وخطيب الثورة العرابية.. وهو ينقل لنا ما شاهده في الاحتفال الذي استقبل به الأعيان والاحزاب طليعة المستعمرين بعد هزيمة التل الكبير.. كان النديم يومها متخفياً ومتلفعاً بالليل والصمت. إن الصحف القطرية والشاشات والاذاعات واحدة يوم سقوط النظام الوطني، ويوم دخول المخلص الأجنبي. «4» < تحالف وطني عريض وواضح والناس فيه سواسية في الفكرة والبرنامج. والقوى على قدر قوتها وكسبها ومسؤولياتها وتاريخها، تحالف يقوم على التواضع والنقد الذاتي والاعتراف بمقدرات الآخر.. هذا الذي أراه، وإلا فسيصبح مفكر المرحلة الوحيد هو الفنان الذري الذي يتصدر الصحف والمجالس «اليوم البمر وين نلقاهو تاني»!! (5) < سادتي أهل السلطان العربي إن كنتم لا تقدرون على نخوة الإسلام فعليكم بفحولة الجاهلية وليبقَ رمزكم الملك الqليل أمرئ القيس الكندي الذي لا ييأس صاحبه عن الكفاح فعزاه قائلاً: فقلت له: لا تبك عينك إنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا «6» < يقول الأتقياء الأخفياء لم نعرف رجالاً كتبت لهم خطوة العزلة وخطوة الجهاد مثلما كتبت للأفغان العرب وهم يشددون الخناق على قاهري أرض الاسلام والعروبة بالباطل الصريح فهؤلاء أعجبتهم العزلة المكتوبة والالتحام الصاعق.. وهي في هذا المقام مطلوبة لأنها تعنى الهجرة لا الهروب.. وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم في رواية لأحمد (لمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة). «7» < كان شيخنا العارف يوسف إبراهيم النور لا يجلس معه رجل يشكو إلا يصر عليه قبل أن يقوم أن يحفظ ويعي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. من كانت الدنيا همه فرق الله عليه شمله.. وجعل فقره بين عينيه.. ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له.. ومن كانت الآخرة همه جمع الله عليه شمله.. وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة.. وما أقبل عبد على الله بقلبه إلا كان الله إليه بكل خير أسرع.. «8» < حكى أحد السودانيين أن جده الزاهد زاره في أوائل القرن الفائت رجل طائفة أتى بمال كثير من الحجاز.. وأكرم الفقير الزاهد شيخ الطائفة الثري بذبح شاة بيته التي تمنح أبناءه لبن ليلتهم.. وبعد الإكرام وقف الطائفي والركب مليء بأحمال المؤونة والحقائب مليئة بالدنانير الذهبية قال وعينه على الزاهد ماذا تريد منا يا فقير، الدنيا أم الآخرة؟ فقال الزاهد مبتسماً وهو ينظر لأحمال وخزائن الرجل أريد منكم يا شيخنا الدنيا أما الآخرة (بجيبا بي ضراعي ده). «9» < مرحباً بأهل الفضائل والحسنات من كل الأعراق والأجناس والأديان.. مرحباً بأصحاب العلم والمخترعات الساعين لمصلحة البشرية بلا منٍ ولا أذى وثوابهم عند الله كثير وكبير كما قال نبي الأمة وشفيعها..صلى الله عليه وسلم روى ابن جرير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ما أحسن من محسن مؤمن أو كافر إلا وقع ثوابه على الله في عاجل دنياه وآجل آخرته».. وأصدق تفسير في ذلك رواية البزار: «ما أحسن من محسن مسلم ولا كافر إلا أثيب».. قالوا يا رسول الله، هذه إثابة المؤمن قد عرفناها! فما إثابة الكافر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تصدق بصدقة أو وصل رحماً أو عمل حسنة أثابه الله.. وإثابته المال والولد في الدنيا وعذاب دون عذاب.. يعنى في الآخرة وقرأ: «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ». «10» < قلت يوماً لأصحاب الصحف الاجتماعية ومحرري صفحات الحوادث والقضايا إن صفحاتكم أكثر الصفحات المقروءة ولكن ستزداد قراءة الناس لها لو اقترنت بالقصة والحكمة والتدبر وهتفت للناس بأن «الجريمة لا تفيد» وحدثت الجميع بعبارة «إنتبهوا أيها السادة». وقد كان شيخنا الغزالي شديد الإحتفاء باعتراف مجرم كتب قبل إعدامه وقد قدم لذلك مأثوراته من النصائح والبرامج إن الحكومات تستصلح الآن مساحات شاسعة من الأرض السبخة والجافة وتعمل دائبة على تحويلها إلى جنان وحقول تزدان بالزرع والنخيل وهي تغسل الأرض جيداً لتزيل ما علق بتربتها من أملاح.. وترقب البذور الوليدة لتمنع الحشائش الغريبة من النماء على حسابها فهل ترى أن هذه الجهود سلطت على ميدان العلم والتربية لاستصلاح الجماهير المضيعة والعقول الملتاثة؟.. أما كان لها نتاج كريم وثمر عظيم؟!! «11» < وأخيراً ما أصدق أدب الاعتراف ـ انظروا حولكم في الحفر والمجاري فهي مليئة بالمشردين والمجرمين الصغار القادمين لتحطيم كل الأبناء والصبايا والواجهات والمصانع والأحلام. أنظروا حولكم لدار رعاية اللقطاء فهي مليئة بكوارث العنوسة والفقر وعنفوان الشباب المفضي الى الحرمان واليأس الذي يستحيل بين غمضة عين وانتباهتها إلى طفل وطفلة بلا ملامح ولا هوية. ما أصدق الاعتراف حين يتنزل من رجل؟ وما أصدقه بزيادة حين يتنزل من أمة وشعب؟ لهف نفسي على الذي يغالب النصيحة والصبر في طفولته فلم يجدها وفي صباه لم يجدها وها هو يحاولها في شيخوخته يغالب الدمع والقريض: ولما رأيت الشيب لاح بعارضي ومفرق رأسي قلت للشيب مرحبا ولو خفت اني إن كففت تحيتي تنكب عني، رُمت أن يتنكبا ولكن اذا ما حل كره فسامحت به النفس يوماً كان للكره أذهبا