نحن .. و .. وهم ..!!

(1)
> ود. مهاتير محمد كان يغمس أنفه في تاريخ كل دولة ليعرف كيف نهضت.. ويسأل عن كل شيء وجدواه.. وهل يسجل هدفاً لماليزيا.
> ولا شيء في الأرض يشبه ماليزيا مثلما يشبهها السودان »فقر.. وقبلية.. وعجز.. وخبث.. ونزاع.. وعبقرية وجنوب«.
> ومهاتير يصل إلى أن ما يصنع الدولة هو
: قرار »يصدر عن أهله فقط«.. ثم متابعة مجنونة للقرار حتى التنفيذ.. حتى التنفيذ.
(2)
> وماليزيا نلتقط مجانينها ونضعهم أمام مجانين السودان.. مثل من ينظر في المرايا.
> ونلتقط قبائلها.. وفقرها.. و… و… ونجعلهم مع أمثالهم في السودان.
> حتى نصل إلى أن ما يقتل السودان: ما هو
: ولعله قرار يصدر من غير أهله.
> ثم عجز عن تنفيذه.
(3)
> في الاتحاد السوفيتي ــ يجد مهاتير ــ شعباً مخلصاً.. يريد الإصلاح.. وحكومة مخلصة تريد الإصلاح.
> لكن..
> قال مهاتير
: أيام السوفيت قالوا لي أن ساكن إحدى الشقق في موسكو سافر إلى »ليننغراد« وبعد عشاء يتناوله وفودكا جيدة يستغل حافلة كالمعتاد من الموقف المعتاد ويهبط في محطته المعتادة ويدخل شقته المعتادة في الزقاق المعتاد ليفاجأ هناك بامرأة في شقته.. والمرأة فوجئت به.
> وبعد الهرجلة الرجل يكتشف أنه في »ليننغراد« وليس في موسكو.
> القصة تعني أن الدولة تصب كل شيء في قالب واحد إلى درجة أن الموقف والحافلة والمحطة والشقق والزقاق والسلالم والناس كلهم نسخة واحدة. والحكومة السوفيتية تبحث عن إصلاح.. لكن؟
> نموذج السوفيت ــ لم ينفع.
> وفي اليابان الرجل يجد أن اليابان »المطحونة من أفظع حرب في الأرض.. واليابان الجائعة و…«، اليابان هذه تصنع اليابان اليوم لأن.. ويجد أن بعض ما يصنع اليابان اليوم هو أن
: الموظفين اليابانيين يكرهون العودة إلى منازلهم باكراً لأن ذلك قد يجعل جيرانهم يظنون أنهم لا يحصلون على تقدير عالٍ عند شركاتهم.. أو أن العمل هناك يمكن أن يستمر دون وجودهم.. وهذا شيء يجعل الزوجة تشعر بحرج بالغ من زوج هذه صفاته.
الموظف الذي يصنع اليابان هو هذا.
> والموظف في السودان هو…!؟!
(4)
> مهاتير بدأ صناعة ماليزيا بشيء يقصه عن كيف كان في بداية جولاته.. وهو رئيس وزراء.. قال
: لاحظت أن مصابيح الشوارع أكثرها ضعيف الإضاءة.. وفحصتها ووجدت أن الغبار يتسلل إليها وتصبح معتمة.. ونظفناها.
> والأشياء الصغيرة هذه يلاحظ مهاتير أنها هي التي صنعت اليابان قال
: الياباني ــ خادم المطعم ــ أدوات الطهي عنده ــ وهم يطهون أمام الزبون ــ الأدوات لامعة كأنها لم تستخدم من قبل.. كل شيء في المطبخ مرتب بشكل أنيق دقيق.
> كل بقايا الزبون الأخير تزال كأنها غرفة جراحة.. والطاهي يقدم منتجه لزبائنه بأدب جم.. ثم انحناءة مؤدبة في نهاية الوجبة.. والطاهي يستأذنك بالانصراف حتى ينتقل لخدمة الزبائن الآخرين.
> هذا هو المطعم »الشعبي« في اليابان.
> والمطعم في السودان.. هو…!؟!
> قال عن الإخلاص..
> اليابانيون عملوا لسنوات طويلة دون مرتب.. كل ما يحصل عليه العامل هو كوب من الحساء.. ورغيف.
> الآن العامل الياباني.. إمبراطور.. إمبراطور يصنعه الإخلاص.
> والإخلاص في السودان ترسخه رسالة واحدة.. رسالة شخصية يرسلها زوج إلى زوجته.
> الشهيد حاج نور حين يبلغه استشهاد ابنه في الجنوب ــ حاج نور يومئذ مجاهد في كتيبة أخرى يكتب إلى زوجته ليقول
: لو وجدت في السنة النبوية شيئاً يسمح لي بالقدوم إليكم لأتيت لأعزيك في إبنك.. لكنني لا أجد في السنة عذراً لأحد يترك ثغرته في الجهاد.
> حاج نور وملايين معه قدموا إخلاصاً للإنقاذ لا يشبهه شيء.
> لكن الإخلاص هذا ما يدمره شيء نعود إليه.
> ونعود إلى تجربة ماليزيا من هنا التي جعلتها من قادة العالم..
> و ما يبقى هو أن سؤالاً واحداً صغيراً يجعل مهاتير يخرج ماليزيا من قاع العالم إلى القمة.. لأنه يعمل بالطريقة الماليزية.
> ونحن نعمل بالطريقة السودانية.
> ويبقى أن ألف مهاتير سوداني يعمل الآن.
من ارشيف الكاتب

Exit mobile version