خالد حسن كسلا : «الخرطوم» من يوسف إلى عبدالرحيم وهذا بيان «1»
> «يوسف عبدالفتاح» اسم له صدى ذكريات النشاط الإداري الشديد في ولاية الخرطوم منذ أن كانت باسم «العاصمة القومية» ومحافظة الخرطوم ثم ولاية الخرطوم.. وها هو يخرج عن صمته في مناخ تشكيل حكومة محلية جديدة لولاية على رأسها أحد المساندين لتحرك 30 يونيو 1989م ويوسف عبدالفتاح نفسه من المساندين للتحرك حينما كان برتبة المقدم ضمن قوة الكلية الحربية.
> والمقدم حينها يوسف عبدالفتاح كان الرجل الثاني في الولاية او إن شئت قل الشخصية الثانية حتى لا تكون المناصب بمثل هذه المصطلحات حكراً على الرجل.. وعلى الأقل تحسباً من هجمات مريم الصادق ورشا عوض والبرلمانية آمنة السيدح وغيرهن من عُصبة الجندر.
> يوسف في موقع الشخص الثاني آنذاك ونائباً للراحل اللواء محمد عثمان محمد سعيد يقضي الساعات عملاً خارج مكتبه، ولعل هذا ما لوَّح به مؤخراً في المؤتمر الصحافي الذي خصص لإعلان تشكيلة حكومة الولاية الوالي الجديد الفريق أول ركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين.
> لكن تبقى العبرة بمواجهة التحديات التي تناولها يوسف عبدالفتاح، وقد حُظي تناوله لها بالنشر في صحيفة «ألوان».. وقد أجمل هذه التحديات في توفير الكهرباء والمياه ونقل النفايات ومصارف الأمطار والمواصلات.
> واذا اتفقنا مع نائب الوالي الأسبق السيد يوسف عبدالفتاح في كل هذه، فإن الولاية إذن.. ما كانت تحتاج لكل هذا الكم الهائل من الوزراء الولائيين والمعتمدين بدون محليات، «معتمدو الرئاسة».. ولولا المحاصصة التي طرحها الحزب الحاكم لبعض الأحزاب الأخرى لإخراج صورة معينة للجهاز التنفيذي في الدولة وفروعه في الولايات.
> أما مشكلة الكهرباء، فتبقى مشكلة كل القطر وليس الولاية وحدها، وإن كان للولاية دور في حلها فهو ينحصر في تقليل الصرف الحكومي ونشر ثقافة الترشيد ودعم المحطة الحرارية. وهذا يمكن أن يتولاه مدير الكهرباء بولاية الخرطوم.
> أما مشكلة «المياه»، فلا يمكن أن يأتي حلها الناجع من خارج هيئة مياه ولاية الخرطوم بإشراف مديرها العائد الباشمهندس خالد علي خالد. فهي مؤسسة «إيرادية» تتحصل من المواطنين أموالاً أكثر مما تحتاجه للصيانة والتشغيل.. وقد يقول قائل إن فاتورة المياه أقل من تكلفة توفيرها مستمرة ونقية وصالحة للشرب.
> نقول هذا لا يعني أن سعر خدمة المياه او سعرها باللتر قليل وغير كافٍ لتوفيرها لأنها غير مستوردة وإنما منقولة من أنهار جارية وآبار ليست عميقة جداً. وهيئة مياه الخرطوم يمكن أن تُنشئ مشاريع استثمارية لصالح خزينة الدولة، فيخصص لها دعم منها دون أن تفكر في زيادة سعر خدمة توصيل المياه.. فهي خدمة عامة للمواطن..
> أما نقل النفايات، فليس من اللائق بدولة محترمة مثل «جمهورية السودان».. وولاية ذات إيرادات ضخمة مثل «ولاية الخرطوم»، أن تكون النفايات فيها مشكلة وقضية معقدة. فأين ذهبت أموال أغلى الأراضي في العالم داخل الولاية؟! ولماذا لم تُستقطع منها ما يمكن أن ينشئ مؤسسات نظافة تليق بالولاية التي انطلق منها «المشروع الحضاري»؟! هل سيُكتب في التاريخ إن العجز عن النظافة الكاملة جزء من حضارتنا؟! إنه مشروع النظافة من الأسس التي يُبنى عليها المشروع الحضاري. فلا داعي لإهدار الأموال في وزارات وهمية من حيث الأهداف مثل وزارة الحكم المحلي داخل ولاية وكان أولى بهذه الأموال المهدرة في مشروع المحاصصة أن يدعم بها مشروع النظافة.
> أما مصارف الأمطار، فكان يمكن أن تكون مما تستفيد منه الدولة في حصاد المياه للمشاريع الزراعية والمراعي البعيدة.. وحتى الأحياء الجديدة التي شُيِّدت المساكن فيها على مناطق منخفضة يمكن أن تتوسطها خزانات مياه تحت الأرض بالمواد الثابتة وتعالج وترفع إلى صهاريج.. وتكون بذلك هيئة المياه صرّفت من هذه الأحياء المنخفضة مياه الأمطار والسيول، ورفعها بعد معالجتها الى خزانات عُليا لدعم شبكة المياه.
> ومعلوم إن الدول المتقدمة والمتحضرة تحوّل مشكلاتها الطبيعية إلى خدمات للمواطنين. حتى النفايات يستخرجون منها الغاز. فهل يمكن أن تتبنى حكومة البشير وفروعها في الولايات هذه الأفكار الحضارية، أم تنتظر الأجيال الجديدة ما يخبئة لها القدر بعد أن نذهب نحن إلى رحاب الله مع هذه الحكومة؟!
> أما المواصلات.. وما أدراك ما المواصلات، فهي يمكن أن ننظر الى مشكلاتها كأنموذج لعدم احترام المواطن وهي بهذه الصورة البائسة المقلقة التي تثير الاستياء. ومن قيم احترام الحكومة لحقوق المواطن ألا تجعل خدمة المواصلات غير حكومية حتى لا يشعر بالإهانة في خدمة غير تابعة للدولة، فلابد من النقل الحكومي.
نواصل غداً بإذن الله