مال سايب
* نشرت (اليوم التالي) قبل يومين خبراً عن الفساد الذي أرخى سدوله على بعض مشاريع إعمار الشرق (بأنواع الهموم ليبتلي) وطناً يشقى بفساد بعض أبنائه، وقوة قلبهم عليه، بدرجةٍ تجعلهم يستحلون حرمة المال العام، ويَلِغُون فيه بلا وازعٍ من أخلاق أو ضمير.
* يقولون (من أمن العقوبة أساء الأدب)، ونزيد نحن: (وأساء التصرف في مال الشعب، وعاث فيه فساداً، وازداد عليه جرأة وتعدياً).
* ويقولون أيضاً: (المال السايب يعلم السرقة).. والسرقة أنواع، أدناها (شق الجيوب)، وأعلاها وأفدحها جرماً (شفط) المال العام.
* التحقيق الاستقصائي القيّم الذي نشرته (اليوم التالي)، ممثلةً في الزميل المتميز شوقي عبد العظيم كشف فساداً مالياً وإدارياً قميئاً، تسبب في تعطيل قيام مدارس ومستشفيات مخصصة للمواطنين في ولاية القضارف، كان من المفترض أن يتم تشغيلها قبل عام ونصف من الآن.
* رسا العطاء على شركة تمتلكها سيدة، وبلغت قيمته أربعة عشر مليوناً و200 ألف دولار أمريكي، قبضت منها الشركة ما يزيد عن (6) ملايين دولار، وظل العمل فيه متعثراً منذ لحظة توقيع العقد وتسليم المواقع في فبراير 2013 وحتى اللحظة، من دون أن يتم تحريك أي إجراءات قانونية ضد الشركة المنفذة، أو غير المنفذة على الأصح!
* غضت الجهة المتحكمة في العطاء الطرف عن أشياء أساسية، من بينها إلزام الشركة المنفذة بتقديم ضمان بنكي للعقد، واستعاضت عنه بضمان من (شركة تأمين)، وتلك مخالفة كبيرة، تتحمل مسؤوليتها الجهة المالكة للمشروع.
* تفريط فادح يستوجب المحاسبة، لأن ذلك الشرط يعد أساسياً حتى في العقود الخاصة، ناهيك عن الحكومية المتعلقة بالمال العام.
* الاستشاري المشرف على التنفيذ نبَّه إدارة الصندوق إلى عدم التزام الشركة بجدول الأعمال، لكن الصندوق لم يتخذ أي إجراءاتٍ قانونية تحفظ حقوقه، وتمنع هدر المال العام، وتلزم الشركة المنفذة بتسليم المشروعات في وقتها، وبالمواصفات المتفق عليها.
* فساد الشرق اقترن بحديثٍ طويلٍ عن فساد الغرب، وغياب الشفافية وانعدام المحاسبة في مشاريع إعادة إعمار دارفور.
* مساء أمس تحول فندق (السلام روتانا) إلى ساحة عراك بين قيادات حركة (التحرير والعدالة)، التي انقسمت إلى مجموعتين، يقود أولاهما الدكتور التيجاني سيسي، رئيس السلطة الإقليمية لدارفور، والأخرى يتربع على قيادتها رفيقه السابق الدكتور بحر أبو قردة.
* اندلعت (الشمَطَة) قبل أن يبدأ فتح مظاريف مصفوفة مشروعات المرحلة الأولى (ب)، التي تحوي (626) مشروعاً تنموياً، وتطايرت اللكمات مع الاتهامات!
* نتساءل: أي سلامٍ وأي إعمار يمكن أن يحدث في مناخٍ مكفهرٍ، تعوزه الشفافية، وتظلله الانقسامات، وتسوده اللكمات، وتسيطر عليه الشتائم والإساءات؟
* ما يحدث في مشاريع إعمار الشرق والغرب من تفريطٍ وتجاوزٍ وغياب تام للشفافية يمثل أول تحدٍّ حقيقي لمفوضية مكافحة الفساد، إن رأت النور وامتلكت ما يكفي من سلطةٍ وسطوةٍ لمحاسبة الوالغين في مال الشعب.