حسين خوجلي

عذابات ملونة


< قال لي أحدهم أن القرّاء يقرأون كل شيء في ألوان.. كل شيء واضح فيها مقصود، وكل شيء فيها غامض مقصود.كل الأشياء تتم فيها بإتفاق، هي الصحيفة الأولى للكثيرين، وهي الصحيفة الثانية للكثيرين، وهي الصحيفة التي يحتفظ بها الكثيرون إما إعجاباً أو إرهاباً، حيث يقدمونها وثيقة عند اللحظة المناسبة0< مما كان يضحك له عامة الخاصة وخاصة العامة أمنيات الكاشف:يا ريت كنت زيّك لو بجدي التمنيحبيبي يكون معايا وفي الدوحات نغني..ويبدو أن هذه الكلمات سيغني بها الكثيرون و الأحزاب السياسية، خاصة، من اليمين إلى اليسار، تشهد التصدع وفراق الأحباب.. ولن يستمر الدمع طويلاً ولا التنهُّدات؛ فحين يجفُّ كل ذلك، سوف يطلُّ ويندلق الرائعون ليعبِّروا عن الحال وواقع الحل.. ولن يعدموا أبداً العبارات من شاكلة:ألا ليت كل اثنين بينهما هوىمن الناس و الأنعام يلتقيانِفيقضي حبيبٌ من حبيب لبانةويرعاها ربي فلا يريانِأعجبني ذكره للناس والأنعام وأعجبني سؤال (الستر).. ومن هنا بدأ حزب (الخضر) والبيئةللذين يحبون التأصيل.< ومما كنا نهرب به من السياسة وغلوائها أنس المبدعين والشعراء من أهل السودان الذين لا يجدون من أنفاسهم المترعة بالجمال من نصيب غير حائط الطين وقرعة العجين وقد لا يجدون.. وقد أبكى سيف الدين الدسوقي الناس وأبكى نفسه:ودارت دورة الأيام ونحن مع الزمن أغرابمتين تتحقق اللقيا ومتين يتقابلوا الأحبابوقلنا نجرب الصحراءجنينا تعبنا كلو سرابقليل في حقك المشواربدور من أجلك امشي كمانوتحفي رجولي تقطر دموأصبح في الطريق عطشانمحبة كتيرة في قلبي ودعوة تمجّد الإنسانوانتي نموذجي الطيّب نموذج يلهم الفنان< كان استأذنا الراحل فراج الطيب يحسّ بزهو عجيب وهو يقرأ علينا رائعة:الثابتين فروسةُ في ظهرهاكجلودها والطعن في لبّاتهاالعارفين بها كما عرفتهموالراكبين جدودهم آماتهافكأنما نتجت قياماً تحتهموكأنما ولدوا على صهواتهاوهل هناك سادتي معانٍ تصطفى وتُحسن الصحبة بها والوداد لها ويدرك المعنى بها أجمل من هذا؟!!.. كما تمنى صاحبنا الظريف:داير لي حبيب في الحارة واقف جنبيأنسابو العلي ويزيل بلايَ وكربي< لي إقتراح قديم لمجلس الوزراء أن يعين (وزيراً للشجرة!!) نعم وزيراً للشجرة.. حيث تنحدر مهمته الجليلة في سطر واحد أن يزرع الشجرة في كل أنحاء السودان (FuII stop)..وها هو الخريف يحاصرنا بالماء والسيول والمستنقعات والملاريا، ويذهب هذا الماء الطيب دون أن يقوم أباطرة الكلام من الشعب والحكومة بإقتناء غابة واحدة أو حديقة..يمضي الخريف ويتبدد الماء وتظل الصحاري و(الصقيعة) (والقهنوبة).. (وهذا ليس لأبناء الخرطوم )!!!يا سادتي إجعلوا ذلك من أجل الإقتصاد والمناخ ومحاربة الفقر و(ستر) الأرض (الغبشا) وتزيينها، ومحاربة الزحف الصحراوي – وذلك أضعف الإيمان..< قالت لي مهيبة إبنتي الأصغر.. أريد يا أبي أن أحفظ قصيدة فكتبت لها قصيدة النملة لمطر:مائتا مليون نملةأكلت في سعة جثة فيلولدينا مائتا مليون إنسانينامون على قبح المذلةويفيقون على الصبر الجميلمارسوا الإنشاد جيلاً بعد جيلثم خاضوا الحربَلكن..عجزوا عن قتل نملةتفقأ العزة عين المستحيلتصنع العزة للنملة دولةويعيش النمل في دولة إنسان ذليل..< هجرته فغاب بالمهجر وكتب لها:وبدا جمالك للعيون وزال عنوجه القلوب من الغيوب خماريا طلعةً هي للمتيّم جنةٌتجري بها من تحتها الأنهارإنها أنواع العلوم فما ليسوى الحقائق منك والأسرارأ متى نأوب وليلنامن نور وجهك يصبحيا مليح، نهار..قرأتها فابتسمت، وكاتبته فعاد وتزوجها!!