حسين خوجلي

حديث صباح ونهار وليلة السبت


(1)
* لو كانت السينما المتجولة مازالت تعمل لاطلقتها في كل بوادي السودان وجعلت الفيلم الذي يعمل مشهد الذين يموتون في البحر الأبيض المتوسط أو القبر الأبيض المتوسط
ومشهد السوريين والعراقيين وهم يمارسون البيادة الدامعة في الخلاء الأوربي يتلقون الإهانة وحقارة المؤسسات والقوانين والاسلاك الشائكة.
أما المشهد الثالث فهو مشهد السودان المماثل والمتوقع لو سلكنا مثل هذا الطريق الشائك.. مسلك الخصام والحروب والضغينة والمعارضة العقيمة والحكم السادر في غيه الحكم الذي أغلق أذن الطينة والعجينة وهي عقدة لن يفكها إلا الحوار الجاد والعادل والناجز الحوار الذي يرضي الجميع
انها الفرصة الأخيرة يا أهل السودان للمحافظة على هذه البلاد الجميلة وإلا فاستعدوا للبيادة صوب أراضي أكثر فقراً وحرباً وبحاراً أكثر غرقاً وعدمية وحوتاً ومقابر لا قرار لها ولا شواهد ولا إعلان.
(2)
* كل مؤسسة ضخمة تحترق وتنهار وراءها (سلك كهرباء صيني مزيف) ورجل أعمال بلا ضمير يشتري أدوات البناء القاتلة ليحيا بها حياة رغدة هي عند الناس كئيبة وعند الله بائسة ونار جهنم التي لا يشعلها إلتماس كهربائي بل ذنوب الطمع وإلتماس الثراء الحرام.
(3)
* هنالك مراقبون للمصارف يتصلون بالعصابات يبلغونهم عن رقم كل سيارة خرجت بمبلغ مسكين لمسكين صرفه لمجابهة وعثاء الحياة سفراً أو مرضاً أو رسوم جامعة وتبدأ المطاردة الملساء وعند أي غفلة يدمرون زجاج السيارة بمادة جديدة تذيبه كالماء ويختفي المبلغ
وأي تصدي لهم يقابل بالسكين النهب المسلح في قلب الخرطوم وجرائم إغتصاب الأطفال تتزايد فلا بد من تحالف القوة والهيبة وإلا تظاهروا من أجل موت سريع تشترونه حتى تبيعون مواجع المأساة.
(4)
* في فندق روتانا والصالة مليئة بالأجانب والأقارب والعقارب وقد امتلئت الكراسي الوثيرة بالحضور لفرز عطاءات التنمية محفل فيه أهل قطر الكرام والأيدي الخيرة العربية والأجنبية وأهل الرجاءات برقعة سعيدة بالانجاز وفجأة تتحول القاعة الى ساحة حرب وعراك وشتيمة وزفرات ونعرات فأصبح احتفال القيادات فضيحة دولية بجلاجل.
وبعدها عرفنا السبب عرفنا لماذا يتعارك الناس في دارفور ويموتون هدراً وغياً فما دام النخب بكل هذه الأخلاق المتردية والعارية فكيف تكون تصرفات السواد الأعظم من الذين فقدوا الأمل في أنفسهم وفي أبنائهم.
أولاد أمدرمان لهم عبارة شهيرة عندما يفتضح الأمر أمام الغرباء عبارتهم الأشهر أن يتلفتوا يمنة ويسرة ويقولونها في سخرية وحزن ويذهبون حيارى بلا إلتفات
(بصراحة يا قيادات دارفور شرطتو عينا)
(5)
* لولا ستر من الله ورحمة ورأفة لصار عنوان الخرطوم الأحمر (ومن روتانا سحبنا قتلانا)
(6)
* لماذا لا نناقش اقتراح مني أركوي بعقلانية اقتراح بمنح دارفور حق تقرير المصير فدماء الناس الحارة أغلى عند الله وخلقه من الأرض المحروقة..
نعم دارفور أرضها أكبر من فرنسا ولكن الدماء فيها أضخم من الحرب العالمية الأولى.
نعم ناقشوا المقترح مهما كان مراً فخيط من الحدود الآمنة أفضل من كل حبال الوصل الملتهبة
ولا أعتقد أن أي عاقل منكم سوف يطلب مني من مني اركوي أو الراهن الماثل حقائق أو أسباب لهذا الاقتراح فالحقائق على قفا من يشيل والحكمة تنطلق من أفواه المجانين.
(7)
* كل هاتف ترد عليه فانت الخاسر لأن الحصاد صفر كبير وكل محادثة تطلبها طرفها الآخر يفهم ربع ما ترغب وما تود أن تقوله له.
والصمت في بلادنا أصبح عملة صعبة وهنالك عدد محدود جداً من اللاعبين في الميدان السياسي والإعلامي والاقتصادي والفني وفي مقابلهم مئات الملايين يمارسون عبقرية الحصب بحجارة البذاءة والتجريح ولا ينقطع العطاء فكل إناء بما فيه ينضح.
(8)
* أعجبتني عبارة هذا الباحث الشعبي المتواضع حين قال (الغناء ما بجيب قروش قدر دي ولو كان ذلك كذلك كان ود اللمين اشترى الخرطوم)
وكذلك الوزارة والإدارة والسياسة والفقه والمنابر..
هنالك مهنة أخرى خفية مع المهنة الحقيقية للذين اشتروا الخرطوم والأخريات وبلاد بره.
(9)
* قالت الأنباء بان مسؤول مفوضية الاستثمار قد سجل اعترافاً قضائياً بتزوير شهادته الجامعية فقلت في نفسي وهل كان الرجل محتاجاً لذلك لكن شقي الحال يقع في القيد..
(10)
* كل شيء في زماننا كان يعلق ويلصق بصاحبه.. عبارة عابرة ولقب عابر يلاحق صاحبه حتى القبر وجاء زمان لا يثبت فيه شيء حتى الألقاب بالأمس زارني صديق من أيام الثانويات قال لموظف الاستقبال (قول ليهو زميلك عثمان أذاني)تخرج وتزوج وهاجر وابنته بالجامعة ومازال لقبه (عثمان أذاني) يلاحقه لأنه في جمعية الموسيقى يبدأ الفاصل بأغنية (أذاني ما بحاول ينساني الليل وين)
قال لي ضاحكاً حتى زوجتي نسيت أبي فأنا عندها (أذاني) مسكين عثمان (فهو لا يعرف أن اللقب الذي شمل الجميع الله ياذي الأذونا)
كان الأذى الرومانسي يا عثمان يخص أما الأذى الارهابي يا عثمان يعم.
(11)
* ومن لطيف وعفيف الشعر للمجنون العذري قيس
وأحبسُ عنكِ النّفسَ والنّفسُ صبّة ٌ
بِذِكْراكَ وَالممشى إلَيكَ قَريبُ
مخافة َ أن يسعى الوشاة ُ بظنّة ٍ
وَأَحْرسُكُمْ أَنْ يِسْتريب مُرِيبُ
فهل يا ترى يخفي الشعر عن النفس لواعج وشجون السودان بذكراه والممشى إليه قريب.