نائب رئيس المؤتمر الوطني يحدد هدف الملتقى بحل القضايا الرئيسية للاقتصاد ومعاش الناس
اجتمع أمناء حزب المؤتمر الوطني القطاع الاقتصادي من أجل صياغة رؤية لتطوير المشروعات بأمانتهم وحشد الطاقات من أجل محاربة الفقر، والعمل بجدية لإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجه البلاد في هذا المجال. ويجيء هذا الحراك في إطار إستراتيجية الدولة وبرنامجها الخماسي، في وقت يشكل فيه الحزب رأس الرمح في إنفاذ الخطط والاستراتيجيات، لذلك يسعى عبر أمانة المشروعات الاقتصادية المجتمعية بالولايات كافة إلى تكثيف الجهود في الملتقى الأول لأمناء أمانات المشروعات الاقتصادية المجتمعية بالولايات، من أجل التفاكر والوقوف على ما تم وما سيتم إنجازه في المرحلة القادمة. ويشمل البرنامج محاضرات عن التنمية الريفية الواقع والتحديات، وورش عمل عن الموارد بالسودان، وحجم الاستغلال والتحديات والرؤى المستقبلية، إلى جانب تدريب للتخطيط الإستراتيجي للمشروعات الاقتصادية المجتمعية، ووضع حلول لكيفية الوصول إلى خدمات التأمين.
الملتقى الذي يمتد حتى الخامس من الشهر الجاري بدأ أولى جلساته، أمس (الخميس)، بدار النقابة العامة لعمال التعليم بالسودان، وشرف جلسته الافتتاحية نائب رئيس المؤتمر الوطني مساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود حامد”.
{ ماذا نعمل في معاش الناس؟
نائب رئيس المؤتمر الوطني أكد في كلمته أن الاقتصاد من أهم البرامج الرئيسية في الدورة الحالية، ومعاش الناس، وتساءل: (ماذا سنعمل في الاقتصاد ومعاش الناس؟)، واستطرد مبيناً أن قضية الاقتصاد مهمة جداً، وقال: (نريد أن يكون حزبنا المؤتمر الوطني أكبر حزب مهموم بقضايا الأمة)، مشيراً إلى إدراكهم بأن الوطن غاية والحزب وسيلة. وأضاف إنه ليس من أهدافهم تقوية الحزب والنفس والمواقع.
وأكد أن المؤتمر الوطني يريد أن يقدم في حساباته مشروعاً لخدمة الناس. وزاد في حديثه: (قدمنا حكومة مفترض أن تخدم الناس، وأن يعرف كل من هو معنا أنه مشروع لخدمة الناس)، آملاً في أن تكون الأهداف أمينة وواضحة. وقال إننا نهدف من خلال برنامج هذا الملتقى إلى حل القضايا الرئيسية للاقتصاد ومعاش الناس، وأضاف: (أنا دائماً ما أقول للناس قول سيدنا عمر رضي الله عنه “إنما بعثنا الله لعباده لنشبع جوعتهم ونكسو عورتهم ونجد لهم حرفتهم”)، مشيراً إلى ضرورة أن يجد كل شخص مهنة وحرفة لمكافحة البطالة التي يعاني منها كل العالم الآن.
ونادى السيد نائب رئيس المؤتمر الوطني بأهمية حشد جهود المجتمع السوداني للنهوض، وقال إننا فقط نساعده من موقع المسؤولية. وطالب بتغيير العديد من الثقافات الموجودة وأولها ثقافة الإنتاج، مؤكداً أنها لم تأت بعد، لكن لابد من تعليمها للناس لأننا نريد مواطناً اقتصادياً، وأشار إلى المساحات الشاسعة بالبلاد، وقال: (الآن بكوركو الطماطم بـ”40″ جنيه وكل البيوت فيها موية ومساحة وممكن نزرع داخل البيوت، وتبقى الطماطم بجنيه).
وقال “إبراهيم محمود”: (نحن محتاجون لمواطن اقتصادي قبل الاقتصاد الحر). وشدد على ضرورة تغيير المفاهيم والعمل، وقال: (ما مكن واحد يشتغل وعشرين قاعدين يصرف عليهم). ودعا إلى أهمية المشاركة وكيفية أن يعمل الشعب السوداني مع بعضه البعض. وأكد رفض الاتحادات القديمة لإحياء جمعيات المنتجين، مشيراً إلى أنها سبب في عدم تطور الإنتاج الزراعي والحيواني. وطالب المجتمع بضرورة التنظيم في مؤسسات إنتاجية وتوحيد الجهود، فيما أوصى رؤساء القطاعات بالولايات بإطلاق المبادرات وتشجيعها وقيادتها، ونقل الممارسة إلى مشاريع ناجحة مع تنسيق الجهود مع المنظمات الأجنبية والوطنية، وقال إن العمل مبعثر.
وأكد “محمود” أن الإنتاج والأمن الغذائي من أهم المشاريع التنموية، بجانب التعليم الأساسي، مبيناً أن أهم مدخل لمحاربة الفقر هو تعليم أبناء الأسر ولو بأقل الجهود، وألا يطرد طالب ويحرم من الدراسة بسبب الرسوم. وقال إن الدولة عليها جلب المعلم إلزامياً، إضافة للرعاية الصحية الأولية، والبرنامج الرابع وهو المياه، مبيناً أن المياه تأتي للمواطن بتكلفتها. ونوه إلى جدية وزارة الصحة في كونها تجلس معه بطرح ميزانيتها الموجودة الآن لتوفير قابلة وطبيب ودواء في كل الأرياف.
وطالب نائب رئيس المؤتمر الوطني المشاركين بضرورة تقديم نماذج يهتدى بها في ولاياتهم بأن تكون الخدمات الأساسية مكتملة بكل قراها، وأن تكون القرية وحدة اقتصادية بتجارب ناجحة. وأقر بأن العديد من الولايات تحتاج إلى تدخل سريع وأن يكون التمويل الأصغر جزءاً متكاملاً للإنتاج. وكشف عن أن الدولة قامت هذا العام بزراعة (300) ألف فدان من القمح في الجزيرة وحصدت (106) آلاف جوال.
وانتقد “إبراهيم” بعض الولاة في مفاهيمهم تجاه التعليم والصحة، مؤكداً أنهما استثمار وليس تكلفة، وأكد أن التنمية الحقيقة هي التنمية البشرية.
{ توزيع “كيكة” الدخل القومي
رئيس القطاع الاقتصادي بالحزب الدكتور “محمد خير الزبير” قال إن الإنقاذ انتهجت طريقاً مختلفاً لتحقيق أهدافها، مشيراً إلى أهمية توزيع “كيكة” الدخل القومي بأفضل استخدام للموارد وبأقل تكلفة وبأسرع وقت ممكن، لكن العيب الأساسي أنه لا يحل إشكالية هذا الدخل الكبير، الذي يولده بعدالة بين المواطنين والآخرين، وعبر الأجيال، لذلك كان لا بد من استصحاب برامج ومشروعات وسياسات تؤدي إلى تحقيق عدالة توزيع الدخل في قطاع اقتصاديات السوق. وأضاف: (لا بد من تطوير العمل في هذا المجال ليحقق هذا الهدف)، مشيراً إلى أن أول برنامج أعده الحزب، واستمر سنتين (1991 – 1993م) وهو البرنامج الثلاثي للإنقاذ الاقتصادي، ومن ضمنه التحرير الاقتصادي، وأنشئ قانون صندوق التكافل الاجتماعي والعديد من المؤسسات لهذا الغرض، أي تحقيق العدالة وتخفيف حدة الفقر.
وقال: (الآن أمامنا برنامج جديد لخمس سنوات، يعقب البرنامج الثلاثي الذي كان يستهدف معالجة الإيرادات التي خرجت عنه بسبب انفصال جنوب السودان)، وأضاف إنه تم تحقيق الكثير من أهداف ذلك البرنامج. أما البرنامج الخماسي فأكد أنه أعد لتحقيق نهضة اقتصادية كبيرة بمعدلات نمو تبلغ نحو (7%) من ناتج الدخل الإجمالي في العام. وأضاف إنه تم استصحاب برنامج كبير لسياسات ومشروعات تحقيق العدالة والحماية الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة.
ولفت “محمد خير” إلى أن البرنامج الخماسي نفسه به العديد من القضايا التي تحتاج إلى متابعة وتنفيذ في أرض الواقع، منها أن البرنامج الخماسي يستهدف (35%)، وهنالك آليات كثيرة لتحقيق هذا الهدف، وتعمد إلى زيادة الدخل في الأساس والنمو في الناتج المحلي الإجمالي. ويجئ الهدف الثاني ببرنامج جودة التعليم الأساسي وإلزاميته للجميع، وأيضاً برنامج الرعاية الصحية الأولية للجميع، وهو مستمر، وسيكون قد عمم على الجميع بنهاية البرنامج، بجانب توفير مياه الشرب النقية، وكذلك تقوية آليات العدالة والحماية الاجتماعية وتوسيعها للفئات المستهدفة، التي تشمل المجلس الأعلى للأجور، موضحاً أنه أنشئ ليقوم بالمراجعة الدورية للأجور والحد الأدنى بهدف المحافظة على القيمة الحقيقية لها.. كذلك الصندوق القومي للمعاشات والصندوق القومي للتأمينات الاجتماعية، التي من مهامها المراجعة الدورية للمعاشات الاجتماعية بهدف استدامة المحافظة على القيمة الحقيقية لها، إضافة إلى ديوان الزكاة، الذي طالبه بتوسيع نشاطه ليشمل كل المستهدفين. وكذلك الصندوق القومي للتأمين الصحي، وقال إنه من الآليات المهمة ويعمل لرفع التغطية من (34%) إلى (70%) في نهاية البرنامج، مطالباً بتنفيذ هذا الهدف خاصة في الولايات، إضافة للصندوق القومي لرعاية الطلاب الذي من خلاله يسعى الحزب لخلق بيئة مناسبة لكل الطلاب. كما أشار إلى البرامج الأساسية في توفير العلاج المجاني للأطفال دون سن الخامسة، ومرضى الفشل الكلوي والسرطان. ولفت إلى الصندوق القومي للإسكان ودوره في توفير السكن الشعبي والفئوي للمواطنين، مؤكداً على التوسعة فيه، إلى جانب آلية الدعم المالي المباشر الذي يخرج من المال العام بوزارة المالية، وقال إنه برنامج مهم أشادت به العديد من المؤسسات الدولية خاصة البنك الدولي وصندوق النقد كونه لأول مرة يحدث تدخل مباشر من الدولة وتقدم دعماً مالياً مباشراً للفقراء.
وقال” الزبير”: (من الآليات المهمة سياسات ومؤسسات التمويل الأصغر، وذلك بإنشاء وتأسيس المجلس الأعلى للتمويل الأصغر برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية، وقيام مؤسسات التمويل الأصغر بجميع الولايات بدعم البنك المركزي)، وأشار إلى قيام ثلاثة مصارف متخصصة في التمويل الأصغر: بنك الادخار، بنك الأسرة والبنك الزراعي للتمويل الأصغر والمتناهي الصغر للمستحقين. وهذه أيضاً تحتاج أعمالها لمتابعة. وطالب بأن تنتشر مؤسسات التمويل بالمحليات، التي أسست برأس مال (2) مليون جنيه في كل ولاية. كما طالب بأن تكون في كل محلية مؤسسة تمويل أصغر لخلق فرص العمل للكثيرين، وأضاف أن التمويل الأصغر يعول عليه مع توسيعه وانتشاره ليكون إحدى آليات مكافحة ومناهضة الفقر.
كما طالب بنشر ثقافة الوقف القديمة وإحيائها لتخفيف حدة الفقر، مشيراً إلى الآليات التي تصاحب البرنامج الاقتصادي وتناهض الفقر ومؤسسات المجتمع المدني، وآليات المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات والشركات الكبرى ورجال الأعمال والقطاع المصرفي.
رئيس القطاع الاقتصادي طالب كذلك بضرورة التحقيق في قياس أداء كل هذه الآليات التي أنشأها القطاع، وقال إنه لا بد أن تكون هنالك معلومات ومؤشرات قياس للأداء لتحقيق العدالة الاجتماعية ومناهضة الفقر، ولا بد أن تكون هنالك قواعد بيانات ومعلومات ومؤشرات لقياس الأداء لمعرفة مستوى التقدم الذي أُحرز. وأضاف: (هذه هي القضايا التي تشغلنا في القطاع.. نريد في البرنامج الخماسي أن يتابع كل في ولاياته أداء هذه الآليات).
وفي السياق أكدت أمين أمانة المشروعات “هادية مبارك المجذوب” أن الملتقى يهدف إلى حشد كل الطاقات من أجل محاربة الفقر ووضع التدابير اللازمة للحد منه.
المجهر السياسي