بليلة مباشر
* لن أحتفي بالحديث الطيِّب الذي ردده أحد الأئمة في مسجدٍ بالعاصمة القطرية الدوحة، عما قدمه السودانيون لأشقائهم السوريين، لأن إكرام الضيف، وإغاثة الملهوف من طباع أهل السودان.
* لم يكن غريباً على السودانيين أن يفتحوا صدورهم ودورهم قبل بوابات مطارهم لأشقائهم الذين شردتهم الحرب من سوريا، وألجأتهم إلى بلدٍ فقيرٍ إلا من كرم أهله، وطيبة شعبه، ونقاء سيرته، وطيب أصله.
* قبل السوريين، فتح السودان أراضيه لملايين اللاجئين من الدول المحيطة به، واستقبلهم وخفف عنهم وأكرم وفادتهم وقاسمهم اللقمة، وجاد عليهم (ببليلة المباشر)، وقدم لهم (عشا الضيفان)، ولم ينتظر مدحاً من أحد، أو تنويهاً بفعلٍ يقدم عليه أهله بلا تفكير.
* الكرم عند السودانيين طبع، لا يخالطه تكلُّف، وقيمة راسخة في سيرة شعبٍ أبيٍّ، تحتفي أدبياته (بسنَّاد الواقعة، وعشا البايتات، ومقنع الكاشفات، ودراج الولايا، وركازة الزمان إن مال).
* (الشعب الحُر، الفعلو بسر.. أبا لحماً مُر.. في الزنقة أم لوم قدام باينين.. البسمع فيهم يا أبو مُرُوَّة.. بي فرارو ينط من جوة.. يبادر ليك من غير تأخير)، ليس غريباً عليه أن يحتفي بمن جار عليهم الزمان، وألجأتهم ظروفهم إليه.
* لا وطأة الفقر هزمت كرمهم الدفاق، ولا ضيق ذات اليد منع أياديهم من أن تظل العليا، لتجود بالموجود، وتؤثر المحتاج على النفس، وتقدم للضيف أعز ما يمتلك المضيف.
* لن أضيف جديداً مهما أسهبت في الكتابة عن كرم أهل السودان، وحسن خلقهم، وحرصهم على إكرام وفادة ضيوفهم، لأن تلك الصفات مدموغة في جيناتهم، ومختومة في صدورهم، وراسخة في أدبياتهم.
* ديل أهلي.
* حدثني من أثق فيه، أن أحد السودانيين أصر على اصطحاب أسرة سورية مكونة من ثلاث نساء وسبعة أطفال من مطار الخرطوم إلى داره، استضافهم مع أسرته لمدة شهرين، حتى يسر الله لهم مأوى ومصدر رزق.. ولا غرابة.
* (ما أكل حلو بيتو والمعاه جيعان.. وما لبس الرفيع والمعاه عريان.. مأمون السجايا اليستودع النسوان.. ضباح الخلايا عشا الضيفان).
* (توقد نارو ديمة الما بكوس الجمرة.. وفي الضيفان يهوش سكينو دايماً حمرة.. بي كاس ما عبر لبنو بيجيك بالعمرة.. هيلو الشكرة هيلو الرئاسة هيلو الإمرة).
* حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً.