تحقيقات وتقارير

الصحة العالمية: السودان الأفضل عربياً في التعامل مع الأيدز ومواجهته

لم نشأ أن نستبق الحدث، لنقف على دلالاته، حينما وجهت لنا الدعوة لمرافقة وفد كبير تقدمته السيدة الأولى حرم رئيس الجمهورية “وداد بابكر”، وزير الصحة الاتحادي “بحر إدريس أبو قردة”، وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي بولاية الخرطوم د. “أمل البيلي” ومجموعة من المنظمات العاملة بقطاع الصحة، لزيارة جمعية المتعايشين مع الأيدز بدارهم بالخرطوم (3). اعتقدنا في بادئ الأمر، بأن الزيارة ربما لا تعدو أن تكون عادية، لذلك لم ننشغل كثيراً بمحاولة التنبؤ بمخرجاتها، قبل الوصول إلى المكان المقصود.
(1)
كانت الساعة الحادية عشرة من صباح أمس، حينما اصطف الحضور أعلاه بإحدى قاعات المركز، للاستماع لإحدى المتعايشات مع المرض وهي تقدم كلمة ترحيبية حارة ألهبت حماس الحضور تصفيقاً مع الابتسامة التي غطت ملامح وجهها، ومن ثم دلفت للتعريف بالمركز، والذي بات ملاذاً آمناً لهم. أشارت في حديثها إلى أن عضوية جمعية المتعايشين مع الأيدز بلغت (1693) من الرجال، و(1514) من النساء، و(236) طفلاً. وأوضحت بأن الجمعية أنجزت قرابة الـ(530) مشروعاً لصالح مرضى الأيدز.
(2)
ووجهت “فوزية أحمد” إحدى الناشطات في هذا المجال، مداخلة بــ(3) رسائل، لحرم الرئيس دعتها فيها لأن تتبنى قضية المرضى، باعتبارها أماً، خاصة الأطفال منهم، والذين لا يجدون تكلفة الدراسة، والتمازج مع المجتمع. ورسالة أخرى لوزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي بأن تضع الوزارة حلولاً لأزمة السكن، حيث أن المرضى يعانون في سبيل الحصول على مكان آمن، يحويهم خاصة مع ما أسمته العقلية السودانية التي تصمهم، ولا ترضى التعايش معهم. وأشارت إلى أنها شاهدت تجربة حية تمثلت في طرد إحدى الفتيات المريضات من مسكنها، بسبب اكتشاف صاحب العقار بأنها تحمل الفيروس.
واسترسلت “فوزية” في حديثها، موجهة رسالتها الثالثة لوزير الصحة الاتحادي “بحر إدريس أبو قردة”، حين أشارت إلى أن المتعايشين مع المرض يعانون من صعوبات جمة في الحصول على الدواء.
(3)
من جانبها قالت ممثلة برنامج الأمم المتحدة للسكان الأستاذة “لينا موسى”، بأن مرضى الفيروس يواجهون نظرة الناس لهم بــ(الوصمة) والافتقاد للدعم المجتمعي، وخاصة، الشباب من حاملي المرض، بتوفير مشاريع لهم. وأشادت بتجربة جمعية المتعايشين مع الأيدز، وبالتعاون الجدي فيما بينهم لخدمة هذه الشريحة .
وأشارت “لينا” إلى دورالصندوق الذي يقوم به، صندوق الأمم المتحدة للسكان، في مجال الوقاية من مرض الأيدز، حيث بنت (اليونسكو) شراكات قوية وفعالة مع القطاعات الرئيسية ذات الصلة بموضوع الوقاية من مرض الأيدز، حيث أدار مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان مساهمة إيجابية للاستجابة الوطنية والعمل بشكل متماسك مع وزارة الصحة والوزارات الاتحادية والولائية الأخرى، بالإضافة للمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، متضمناً الجمعيات المتخصصة في رعاية المتعايشين مع مرض نقص المناعة (الأيدز) والمانحين، خصوصاً من الصندوق العالمي لمكافحة الأيدز، ووكالات الأمم المتحدة. وقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان مساهمة لتطوير الخطة الإستراتيجية لوزارة الصحة لمكافحة الأيدز للعامين 2015-2017، ومن ذلك المشاريع المتعلقة بتطوير مهارات (600) من المتعايشين مع مرض (الأيدز) وتنمية قدراتهم في (15) ولاية بالسودان.
(4)
فيما تحدثت ممثل منظمة الصحة العالمية د.”نعيمة حسن القصير”، مبشرة بأن السودان تم اختياره الأفضل في التعامل مع المرض ومواجهته بالوطن العربي، حسب تقرير أعدته الجامعة العربية في اليومين الماضيين. وأشارت إلى دور السودان الرائد في الصحة العالمية، كونه كان من أوائل الدول التي وقعت على منظومة دستور المنظمة المقصود بها (الصحة حق أساسي للإنسان)، مشيرة إلى أن المسؤولية في مجابهة الفيروس مشتركة، لكي نحافظ على الحياة.
وأرسلت دكتورة “نعيمة” تحذيرات من خطورة المرض بالشرق الأوسط، حيث وصفته بأنه الأسرع في الانتشار مقارنة بالأقاليم حول العالم، والأقل في تقديم العلاج، مشيدة بتجربة السودان في مواجهة المرض.
وقدمت د. “نعيمة” إشادة خاصة بوزير الصحة “بحر إدريس أبو قردة”، وحرم الرئيس “وداد بابكر”، ووزيرة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم “أمل البيلي”.
(5)
وفي ذات السياق أشادت وزيرة الرعاية “أمل البيلي” وأكدت تقديم العون والرعاية للمرضى وتهيئة بيئة صديقة للمتعايشين معه، وتقديم الدعم الكامل في مواجهة قضاياهم .
وأشارت إلى أن الوزارة أنشأت (148) مركزاً للتوعية من الأيدز، وتطوير وسائل سبل كسب العيش لمرضاه.
وأضافت الوزيرة بأنهم سينتهجون الكشف التوعوي عن الأيدز كشرط أساسي ورئيسي، في الزيجات الجماعية التي تشرف عليها الوزارة.
ومن جهته قال وزير الصحة “بحر إدريس أبو قردة”، بأن الوزارة ستركز في الفترة المقبلة على منع انتقال الفيروس الرأسي من الأم المصابة إلى الجنين، كبرنامج رئيسي. وأشاد الوزير بتجربة السودان في الاهتمام بالمرض ومواجهته بصورة شجاعة، وذلك بفضل قرب القيادة من ملف الصحة، كون رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس التنسيقي الصحي، ونائبه “بكري” مسؤول عن الآلية.
فيما تحدثت السيدة الأولى حرم رئيس الجمهورية ورئيسة مجلس إدارة منظمة سند الخيرية “وداد بابكر”، مخاطبة الجمهور ومؤكدة دعمها الكامل لمرضى الأيدز. وأشارت إلى أنها وهي تصطحب معها وزير الصحة ووزيرة التنمية، لـ(نؤكد للعالم بأننا نولي لهذا المرض الفاتك أهمية خاصة). على حد قولها.
وأوضحت أن محور تركيزهم ينصب على عدم انتقال العدوى للأطفال من الأمهات المصابات، حتى يبلغ السودان شعار (طفل معافى وأم معافاة)، مقدمة كل الشكر للحضور.
(6)
ثمة مؤشرات عن تزايد انتشار مرض الأيدز، على الرغم من أن الإحصائيات المتوفرة لا تعكس الوضع بكامله، بسبب عدم تسجيل كل المصابين بالفيروس، ومع ذلك فإن تحديات المرض تظل واقعاً لا يمكن تجاهله، وتكمن مواجهته بالتوعية والتركيز على الشق الديني في تفادي المعاصي التي تقود إليه.
“سيف اليزل” المستشار الإعلامي لجمعية المتعايشين مع المرض، كشف لــ(المجهر) بأن عدد المرضى بولاية الخرطوم بلغ و(719) شخصاً، وحذر من انتشاره بصورة كبيرة مؤخراً، مما يجعل المجتمع يدق ناقوس الخطر لمجابهة هذه القضية الخطيرة.

المجهر السياسي