محمد لطيف : قلة أدب.. خواجات
مهما بحثت المعارضة عن مبررات.. أو صاغت من روايات.. فلن تجد ما يدفع عن جولتها مع الدبلوماسيين الأجانب على أسر الشهداء بأنه عمل سياسي يستهدف الحكومة مباشرة ويعزز موقفها.. أي المعارضة.. ويحسن صورتها ويرفع أسهمها أمام الشعب.. ولطالما كان الأمر كذلك فمن حق الحكومة.. بالمقابل.. أن ترفض الجولة وتصفها بما تشاء من النعوت والصفات.. بالطبع ستجد الخطوة من يدافع عنها من الموالين للمعارضة أو المعارضين للنظام.. بدعوى أن أمر شهداء سبتمبر قد طال أمده ولم تفعل فيه الحكومة شيئا ولم توله من الجدية المطلوب.. كان ذلك ليكون مقبولا في زمن مضى.. قبل أن يصل وزير العدل الحالي إلى مقعده.. حيث حرك الرجل عددا من الملفات الساكنة.. بل والمهملة والمركونة.. كما يقول محجوب شريف.. الذي كان الاستنصار بالأجنبي عنده.. مثل التحالف مع النظام تماما.. ولعل ملف شهداء سبتمبر يعتبر واحدا من أهم الملفات التي فتحها مولانا عوض الحسن وزير العدل.. بل ووصل فيها لقرارات.. وتلقى فيها توجيهات رئاسية.. وحيث أن البعض قد تحفظ على تلك التوصيات أو التوجيهات.. لجهة أنها قد اقتصرت على التعويضات.. دون أن تتعرض لجوانب أخرى مثل القصاص.. أو حتى تحديد الجناة.. فحينها سيكون مفهوما.. بل ومحل الاحترام والتقدير.. أن تتجه المعارضة أولا إلى وزارة العدل للمطالبة باستكمال التحقيق.. بل وقبل ذلك للوقوف على ما جد في الملف من الجانب الحكومي.. فقد التقيت.. على سبيل المثال.. من يسأل: ماذا تعني الدولة بالتعويضات؟.. وهل هي شخصية أم عامة؟.. ومناقشة وزير العدل في ما توصل إليه.. والبحث معه في أنجع السبل للتوصل إلى ما تبقت من جوانب في تلك القضية التي لمّا تشغل الرأي العام السوداني.. وكل هذه مسائل أفضل من يفتي فيها وزير العدل سيما وأنه قد بدأ جادا في عمله وتوجهاته..!
ومع الأخذ في الاعتبار لما يمكن أن يكون من تحفظ لدى البعض.. فما ينطبق على المعارضة ينطبق كذلك على وفد الاتحاد الأوروبي.. بل وأكثر من المعارضة لجهة أن قنوات التواصل مفتوحة بين الحكومة والاتحاد الأوروبي وله القدرة على التواصل معها لذا.. ومكتب وزير العدل أقرب إلى الاتحاد الأوروبي من الدروشاب.. عليه.. كان ليكون مفهوما أن يستفسر الاتحاد الأوروبي الحكومة عن ما يعتور الملف.. وأسوأ ما رشح عن تلك الجولة.. أو تلك اللقاءات ما نسب إلى القائمة بالأعمال البريطانية قولها إنهم ليست لديهم مساعدات مادية يقدمونها ولكنهم سيدفعون بقوة لإصدار قرار يحقق العدالة.. فلو جاء حديثها هذا ردا على طلب تقدم به أحدهم حول مساعدات مادية.. فهذه مصيبة.. أما إذا كان الأمر اجتهادا منها.. فهو قلة أدب خواجات.. ينبغي أن يجد الرد المناسب.. لا من الحكومة ولا من المعارضة.. بل قبل هذا وذاك.. من أسر الشهداء.. ومن كل مواطن سوداني له ذرة كرامة ووطنية.. فقضية الشهداء لم ولن تكون معروضة للبيع.. ولم ولن ولا ينبغي أن تكون بورصة للتنافس الدولي.. يتبارى عليها قناصل الدول.. ولئن كانت ثمة حاجة هنا أو هناك.. فأبناء السودان أولى بتحمل تبعاتها.. والوفاء باستحقاقاتها.. وظني أن بعضهم يفعل الآن..!