محمد لطيف : يأس الحكومة من المشاركة.. أم يأس المعارضة من المقاطعة
ومنذ فترة طويلة يدور الهمس داخل تحالف المعارضة.. عن تنسيق ثلاثي يتجاوز المواقف العامة حينا.. ويتطابق معها أحيانا.. ويجتهد المراقبون في رصد مسار هذا التنسيق الثلاثي.. يوقنون حينا بوجوده.. ثم تحيطهم الشكوك أحيانا حول وجوده نفسه.. والمراقبون يتحدثون عن أطراف ثلاثة.. هي الأمة القومي.. الحركة الشعبية.. المؤتمر السوداني.. أو إن شئت الدقة قل.. إنهم يتحدثون عن الدكتورة مريم الصادق والسيد ياسر عرمان والأستاذ إبراهيم الشيخ.. وظلت السمة الغالبة على موقف ذلك التنسيق هي رفض أي تقارب مع النظام.. ثم التشدد في الموقف الرافض للحوار.. إلا بشروط المعارضة كاملة.. ثم..!
المواقف داخل حزب الأمة تتحرك من أقصى الشمال إلى اقصى الجنوب.. تماما كمؤشر البوصلة.. رافعة وخافضة الآمال والاحتمالات.. وحتى الخيارات.. فمن تصريح قائل بأن عودة الإمام رهينة بقرار من أجهزة الحزب التي ترى أن الظروف ليست مواتية لعودته بعد.. إلى قائل بأن الإمام مستعد للعودة إلى وطنه دون شروط.. ثم.. وهناك ترشح الأنباء عن تخلص عرمان من بعض أقدم وأقرب أعوانه إليه.. في ما يشبه الإحالة للتقاعد.. رغم أن عرمان كان يردد دائما أن.. الثائر لا يتقاعد أبدا.. ولكن ثمة من يتدخل بالقول إن عرمان يستعد للانتقال لمحطة مرنة.. والمقالون أو المحالون للتقاعد.. ربما ليسوا بالمناسبين لمرحلة قادمة..!
قبل أشهر قليلة.. تحولت جلسة اجتماعية.. كان هذا مظهرها على الأقل.. إلى نقاش عميق ومطول حول خيارات المعارضة في التعامل مع النظام.. وقيل فيها الكثير.. والمثير.. ورغم ذلك كان يمكن أن تكون تلك الجلسة كغيرها من جلسات ليالي الخرطوم.. ولكنها بدت جلسة استثنائية.. ضمت رئيس الحزب ونائبه وأمينه العام.. وآخرين.. لذا لم يكن غريبا.. ولن يكون.. أن القناعة التي خرجت بها قيادة الحزب في تلك الليلة تشكل أساسا.. أو موجها لسياسة ذلك الحزب في المرحلة القادمة.. فما الذي خرجوا به..؟
خرجوا بأن أي مقاطعة تقوم بها المعارضة لدعوات للحوار وما شابهها من أنشطة.. ظل النظام يحولها لصالحه تمددا في المساحات.. واستثمارا لدى الرأي العام بأن الآخرين غير جادين وغير راغبين.. وأن المقاطعة ظلت باستمرار تفقد المعارضة فرصة محاصرة النظام.. ذلك أن المحاصرة في نهاية الأمر تحقق أحد أمرين.. إما استجابة النظام للضغوط.. والتنازل عن مواقف ظل يتمترس خلفها.. والتراجع عن مساحات ظل يتمدد فيها.. أو ظل على تشبثه.. فينكشف عدم جديته أمام الرأي العام.. ومما قيل كذلك يومها.. إن المشاركة في الحوار لا تعني المشاركة في النظام.. وإن مجرد المشاركة في الحوار لن يفقد المعارضة عذريتها..!
إذن.. هل تشهد الأيام المقبلة تطورا دراماتيكيا على جبهة الحوار الوطني.. تغير من خارطة الطاولة وشركائها عند العاشر من أكتوبر المقبل.. مما يعيد من رفع أسهم المتوقع من مخرجات الحوار.. أم يكون كل ما نقلناه هنا.. محض اجتهادات.. وتأويل بعيد.. وأن طي ملف الحوار.. بعد يأس الحكومة من المشاركة.. بات مسألة وقت فحسب..؟!