منوعات

الزواج المبكر ما بين العادة والآفة

آباء وأجداد يتخبطون تحت خيمة العادات والتقاليد , لا يعطون لأنفسهم فرصة النظر إلى النقطة البيضاء على اللوح الأسود , بل يزعمون حقهم في التحكم بمصير أبنائهم وأحفاذهم , دون التكلف حتى بسؤالهم عن آرائهم

هذه العادات البالية هي أحد أهم الأسباب التي ولدت مشكلة خطيرة وكبيرة , وهي مشكلة “الزواج المبكر” والذي لا يقتصر على دولة بعينها , بل ينتشر في كل دول وقارات العالم أجمع

وتختلف دول العالم على وضع الحد الأدنى والأعلى لسن الزواج المبكر , فمنها من جعله الزواج تحت سن الثالثة عشر عاما , ومنها من وضعه تحت سن الرابعة عشر أو السادسة عشر , لكن بشكل عام اتفق على أنه الزواج تحت سن الثامنة عشر عاما , للفتاة التي لم تبلغ بعد النضج الكامل لأعضائها في هذه المرحلة

وتعتبر نسبة الزواج المبكر في العالم بشكل عام مرتفعة جدا , حيث تفيد الإحصاءات إلى أنه في الدول النامية حوالي 65 مليون من النساء بين 20 و 24 عاما كن متزوجات أو في معاشرة غير شرعية قبل عمر 18 سنة , ثلاثون مليون منهن يعشن في آسيا الجنوبية(حسب تقديرات اليونيسيف (1987 – 200

المشكلات الناتجة عن الزواج المبكر

ليس سهلا حصر المشكلات الناتجة عن الزواج المبكر , لأنها تختلف باختلاف النوع الجنسي والبيئة المحيطة وصلة القرابة بين الزوجين , ناهيك عن المستوى التعليمي للأم وغيرها من المعايير التي من خلالها يتم تصنيف هذه المشكلات , والتي من أهمها :الحرمان من حقوق الطفولة حيث يحرم الزواج المبكر الفتيات من ممارسة عدد من الحقوق التي تضمنها الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل وهي:. الحق في التعليم و الحق في الحماية من كل أشكال العنف الجسدي و العقلي،و المعاملة السيئة،و المعاملة الجنسية السيئة و كل أشكال الاستغلال الجنسي التمتع بأحسن حالة صحية. والحق في الإعلام و التوجيه المدرسي و المهني والحق في البحث عن الأخبار ، وفي الراحة و وقت الفراغ و المشاركة بحرية في الحياة الثقافية و الفنية. والحماية ضد كل أشكال الاستغلال الضار لكل مظاهر السلامة

ذكر لدنيا الوطن الدكتور ” حافظ عمرو” رئيس قسم علم النفس في جامعة الخليل الآثار النفسية السلبية للزواج المبكر التي ترتبت على الأبناء نتيجة لقلة خبرة ووعي الآباء , فالأب الذي يتزوج في سن 16 عام لا يمتلك الخبرة للعناية بذاته , فكيف سيتمكن من العناية بأبنائه ؟ الأمر الذي ترتب عليه مشكلات أخرى , كالبعد عن الدين , والبعد عن العادات والتقاليد الملزمة , وظهور مشكلات السرقة وتناول المخدرات , ومشكلات الإعاقات ومشكلة الأطفال اللقطاء , ومشكلات الفقر , ناهييك عن المشكلات الجسمية المترتبة على الفتاة بالأخص

وفيما يخص المشكلات الصحية , فقد ذكرت لنا الدكتورة “ابتهال صوان” أخصائية نسائية , أهم هذه المشكلات والتي تكون الأم الصغيرة في السن هي الأكثر تعرضا لها خاصة قبل سن الثالثة عشر عاما , حيث تعتبر هذه المرحلة مرحلة النضوج وتكوين الدورة الشهرية للفتاة وهذه هي المرحلة الأخطر للحمل , وتعتبر الدكتورة سن الزواج المبكر هو سن الزواج تحت سن العشرين , إذ قبل هذه الفترة يكون جسم الفتاة في مرحلة بناء للرحم والعظام والبنية الجسمية بشكل عام , وفي حالة حدوث الحمل فإنه سيعيق عملية البناء للجسم , لان جسمها يقوم بتوزيع المواد الغذائية بينها وبين الجنين .

أما فيما يخص الأمراض الناتجة عن الزواج المبكر فأكدت الدكتورة لدنيا الوطن أن النساء الحوامل في السن المبكرة أكثر تعرضا من غيرهن لأمراض الحمل والولادة , خاصة مرض ضغط الحمل أو ما يسمى تسمم الحمل إضافة إلى أمراض عسر الولادة والولادة المبكرة والنزف , لان حجم الحوض يكون صغيرا لديهن , وبالنسبة للطفل فهو معرض لنقص الوزن , الذي يؤدي بدوره إلى إصابته بالكثير من الأمراض في المستقبل

وبخصوص المشكلات الاجتماعية الناتجة عن هذا الزواج , فهناك العديد منها ولعل من أهمها : انتشار ظاهرة الطلاق بشكل كبير نتيجة لعدم قدرة الزوج أو الزوجة على التعامل مع بعضهما العض لقلة الخبرة والدراية , وانتشار ظواهر اجتماعية منافية للقيم الأخلاقية كبحث الزوجة عن الحب الذي حرمت منه , وبحثها عن رجل من اختارها بدلا من الرجل الذي فرض عليها , إضافة إلى إتعاب كاهل المجتمع بالمسؤوليات التي تقع على عاتقه بسبب انتشار المواليد من الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع , والذين يحتاجون إلى رعاية ومسؤولية مجتمعية كبيرة

أسباب الزواج المبكر

تتعد الأسباب والنتيجة واحدة فهي تختلف ما بين تقليدية وثقافية، ودينية و اقتصادية , و هو أيضا ظاهرة ضارة تستمد مبرراتها من حجج خاطئة نذكر منها: استمرار العلاقة بين العائلات و الحفاظ على شرف العائلة , وللحفاظ على العذرية قبل الزواج والفقر .

الإجراءات التي يتعين اتخاذها من أجل الحد من الزواج المبكر

من الضروري إتباع سلسلة من الإجراءات السياسية و البرمجية من اجل مكافحة ظاهرة الزواج المبكر زيادة الوعي حول مفهوم الصحة وتكوين وبناء الجسم لدى الفتيات في مرحلة المراهقة . كالتعليم الآجل والاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات و المساعدة النفسية والنجدة المستعجلة وتحسين النظام الاقتصادي ناهيك عن تغيير القوانين

فالزواج المبكر يعد قضية اجتماعية خطيرة تحتاج إلى تكاثف اجتماعي وقانوني ودولي , للحد من ه>ه الظاهرة والنهوض بالمجتمع , من خلال سن قوانين تمنع الزواج المبكر , وتنهض بالمجتمع وتحمي أفراده .

دنيا الوطن