عثمان ميرغني

لا تناقض.. فليستمر المساران معاً..


يبدو أن ضوء الشمعة بدأ يلوح في آخر النفق.. أمس أصدر بعض قادة الفصائل الدارفورية بياناً يمثل نقلة مهمة في طريق السلام في السودان..
السادة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم وعبد الواحد محمد نور، التقوا أمس الأول (السبت) بالرئيس التشادي السيد إدريس ديبي في باريس..
وحسب نص البيان (حيث ذكّر الرئيس إدريس الحضور بالمعاناة المستطيلة التي يعيشها الأهل في معسكرات النزوح واللجوء وفي دارفور عموماً، ودعا قادة الحركات الثلاثة إلى الجنوح نحو السلام والعمل على اغتنام فرصة الحوار الوطني والمشاركة فيه لأن الحلول العسكرية غير ممكنة للقضية السودانية)..
مناوي وجبريل أكدا للرئيس ديبي قناعتهما أن طريق الحرب سيفضي إلى محطة (السراب).. وأبديا موافقتهما الانخراط في الحوار الوطني.. لكن بشرط (إذا توفرت فيه الترتيبات والشروط الواردة في خارطة طريق الجبهة الثورية السودانية الصادرة في سبتمبر 2015 والمتسقة تماماً مع وثائق ومطالب قوى نداء السودان وسائر قوى المعارضة السودانية، وعلى رأس هذه المطالب وقف الحرب بغرض توفير الأمن للمواطنين وتوصيل الإغاثة للمحتاجين وتهيئة المناخ لمحادثات السلام والحوار، وتوفير الحريات الأساسية، وقيام المؤتمر التحضيري وفق قراري مجلس السلم والأمن الإفريقي رقم 539 و 456 للاتفاق على أسس وقواعد وضوابط وإجراءات وضمانات الحوار ومخرجاته).. حسب نص البيان حرفياً.
الثالث، السيد عبد الواحد محمد نور انفرد بمطلوبات أخرى دون أن يشير إلى الحوار الوطني بما يعني أنه غير موافق على الدخول إلى مائدة الحوار الوطني إلا (بعد إيقاف الحرب تجريد المسلحين وطرد المستوطنين..) إلى آخر ما جاء في البيان.. وهي شروط تعني (يفتح الله..)!!
الكلمات الهادئة المهادنة من جانب السيدين مناوي وجبريل تحتاج إلى تشجيع من جانب الحكومة.. فرغم مرونة وليونة البيان إلا أنه لا يبدو أنهما في الطريق إلى الجلسة الافتتتاحية لـ(الحوار الوطني) يوم السبت القادم.. لأنهما أشارا بوضوح لضرورة العبور بالمؤتمر التحضيري للحوار الذي دعا إليه مجلس السلم والأمن الأفريقي.
حسناً.. وحتى لا تجد الحكومة نفسها في حاجة لتأجيل بداية الحوار.. في تقديري أن تستمر إجراءات الجلسة الافتتاحية في موعدها المحدد صباح السبت القادم.. على أن توافق الحكومة على المؤتمر التحضيري (بالتوازي) مع الحوار الوطني حيث لا تعارض.. مثل كأس العالم (المونديال) الذي أقيم في كوريا واليابان بالتزامن.. طالما أن الجلسات الختامية هنا في الخرطوم (دوري الثمانية) فلا تعارض بين المسارين.
ولا أتوقع أن تفضي جلسات المؤتمر التحضيري إلى أية مخرجات تناقض مسار (الحوار الوطني)..
فليبدأ الحوار في الداخل في موعده.. وكذلك التحضيري ليلتقيا هنا في الخرطوم مثل التقاء النيلين الأزرق والأبيض ليسيرا بقية المشوار حتى المصب.