طب وصحة

التوابل … قليلها نافع وكثيرها ضار


تعد التوابل من الأساسيات في جميع عمليات الطهي المنزلية ووجبات الطعام الجاهزة السريعة، لما تلعبه من أدوار رئيسة في تحسين رائحة ولون الأغذية، إضافة إلى فتح الشهية وتسهيل الهضم، وبالتالي زيادة الإقبال على التهام الشطائر ومختلف المأكولات، فالتوابل والشطة والملح تعمل على إثارة أعصاب خاصة في منطقة الفم واللسان والأنف، وهي مناطق الإحساس بطعم وروائح الأغذية مما يحسن شهية الفرد بدرجة تجعله يفضل تلك الوجبات الغنية بالبهارات والتوابل عن غيرها.

يقول كاري كليفورد أحد أشهر أخصائي التغذية: إن التوابل لا تساعدك على حرق السعرات الحرارية فقط، ولكنها تساعدك أيضا على التمتع بالأغذية الصحية مثل الخضراوات والدجاج . من جانب آخر يبدي فيل ليناس ـ وهو المدير الإداري لمجموعة من مطاعم الوجبات السريعة ـ إعجابا كبيرا بالمأكولات الغنية بالتوابل وخاصة الفلفل فيقول: »الفلفل غني بفيتامينات أ، هـ وهو مصدر غني بالبوتاسيوم والبيتاكاروتين وحمض الفوليك، كما تصل نسبة ما يحويه قرن الفلفل من فيتامين ج ضعف نسبته في برتقالة، وهو بالتالي مفيد بالفعل في وقاية الجسم من أمراض البرد والأنفلونزا، ويحوي قرن الفلفل الأخضر أو الأحمر 100ملجم من فيتامين ج، أي ما يفوق حاجة الجسم اليومية من هذا الفيتامين? وأما مادة كابسايسين، وهي المادة الكيماوية التي تعطي للفلفل طعمه الحار، فهي تفيد في التخفيف من الاحتقان، وعند تناول الفلفل يشعر الناس بالمتعة الناتجة عن طعمه الحار، ومن الناحية الفعلية، يؤدي الشعور بالحرقة في الفم لإفراز الأندروفين، وهو مركب كيماوي مسكن للألم كالمورفين«.

وكما أن التوابل أحد أسرار الطعام اللذيذ لأنها تعطيه النكهة وتكسبه الرائحة الزكية التي قد تميز الشعوب بعضها عن بعض، إلا أن الكثير منا قد لا يدري أن هذه التوابل قد تحافظ على صحة أفراد الأسرة أيضا. فلقد أكدت دراسة أمريكية جديدة أن تناول التوابل يقي من الكثير من الأمراض وله فوائد صحية متعددة، ويعتقد أخصائيون في التغذية أن بعض التوابل يستحق أن ينقل من المطبخ إلى رفوف صيدلية المنزل لما لها من فوائد طبية وصحية رائعة بعد أن أثبتت الأبحاث أن فيها مكونات طبيعية تدمر الميكروبات والفطريات وتقاوم التسمم الغذائي وتفيد في علاج الكثير من الأمراض .

(فالزنجبيل ) مفيد في علاج احتقان الحلق، وإذا خلط مع القرفة والمحلب فإنه يزيد من نشاط الدورة الدموية وحرارة الجسم، و(القرفة) فاتحة للشهية ومنشطة للجهاز الهضمي، ويطلق عليها علماء التغذية في فرنسا اسم (صديقة الجهاز الهضمي) والقرفة تخلص الجسم من الكولسترول الضار، كما أنها مفيدة في علاج التهابات المفاصل، أما زيت القرفة فهو العامل الرئيسي في مفعولها المقوي والمنشط للدورة الدموية والتنفس، والمدر للافرازات، والقابض للأوعية والمحرك للأمعاء، والمعقم المضاد للتعفن، ولهذا نرى القرفة تدخل في تركيب الكثير من الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، ويستعمل زيت القرفة دهاناً لعلاج الكلف والنمش والصداع والزكام وآلام الأذن، كما يستعمل زيت القرفة مع الخل دهاناً لعلاج البثور والقروح. وحديثاً دخل مسحوق القرفة في صناعة مراهم ضد الحروق والقروح. وتفيد (الكراوية) في علاج التهابات المعدة واضطرابات القولون وتطرد الغازات والبلغم كما أنها مهضمة، وتعطى للأطفال الذين يعانون من تقلص بالأمعاء، ويفيد (اليانسون) في علاج النزلات الشعبية وطرد الغازات كما يعد مهدئا للجهاز العصبي، و(الشمر) نافع للقولون ومدر للبول ويعد وصفة جيدة للقولون العصبي، كما أنه ينشط الكبد ويعالج الدوخة والصداع، أما (الزعتر) فمشهور في بلاد الشام ويرتبط استخدامه بزيت الزيتون، فدائما ما يكونان معا جبهة قوية لمقاومة الأمراض، حيث يحتوي الزعتر على مواد قاتلة للميكروبات تحمى الجسم من أمراض الجهاز الهضمي وتقاوم أنواع التسمم الغذائي.

ويفيد (الكمون) كهاضم للأطعمة وكمدر للبول ومثله (الكزبرة) التي تستعمل أيضا في علاج الصداع المزمن و(الشطة) من أهم التوابل الفاتحة للشهية وتستخدم إما طازجة أومطحونة كما تستخدم في الصناعات الغذائية مثل التخليل وحفظ الأغذية واللحوم. ومكسبات الطعم والرائحة وهي مصدر لفيتامين (أ) و (ج) وتقوي الدورة الدموية وتنشط القلب شرط عدم الإفراط في تناولها لأنها قد تسبب البواسير كما يجب منعها في حالات الإصابة بقرحة المعدة أوسوء الهضم .

ويعتبر (الفلفل الأسود) ملك البهارات على اختلاف أنواعها وأشكالها وباستطاعته القضاء على عدد كبير من الميكروبات، وهو مسيل للعاب وفاتح للشهية وهاضم جيد وطارد للغازات، ويستخدمه البعض كعلاج للسعال والربو وبعض أمراض القلب. ويعمل ( النعناع ) على تخفيف تشنجات الأمعاء ويزيد إفراز العصارة الهاضمة في المعدة والأمعاء، فيما يساعد (الحبهان أو الهيل) ذو الرائحة العطرة الزاكية على الهضم ويمنع الغثيان والقيء كما يضاف إلى الشاي والقهوة لتطيبهما، و(الكركم) مادة مطهرة ومضادة للجراثيم، ويستخدم على نطاق واسع لخاصيته في مقاومة البكتيريا، ويفيد الكركم في مقاومة الغازات في البطن، ويستخدم في البيوت الهندية كنوع من الإسعافات الأولية. على سبيل المثال، عندما يصاب الفرد بجرح صغير في إصبعه، يقوم بوضعه تحت صنبور المياه، ثم يغطي مكان الجرح بمسحوق الكركم ويعتقد بعض المعالجين بالأعشاب أن الكركم مفيد في علاج التهاب المفاصل، ويجري الباحثون حاليا دراسات حول احتمالات أن يكون الكركم فعالا في الحد من نمو الخلايا السرطانية.

كما أوضحت الدراسات الطبية أن البهارات تحتوي على مواد مضادة للأكسدة فهي وبالتالي فهي تحمي الجسم من الأمراض. وأهمها الكمون والزنجبيل وجوزة الطيب والسماق والفلفل وإكليل الجبل والميرمية.
وأحدث نصائح الباحثين للتغلب على الأنفلونزا جاءت من رون إيكليس مدير مركز أبحاث أمراض البرد في بريطانيا، الذي أوصى بالإكثار من تناول التوابل، ولاسيما الكاري، فهي تعمل عن طريق الإكثار من إفراز السائل المخاطي في الأنف مما يساعد على التخلص من ميكروبات المرض، كما أن التوابل تعمل بطريقة مشابهة لفيتامين ج، مما يساعد في الحفاظ على بقاء الغشاء المخاطي صحيا، وهو أفضل الخطوط الدفاعية في جسم الإنسان، وبالإضافة إلى التوابل فلا بد من المحافظة على تناول الثوم والأطعمة الغنية بفيتامين ج والتي تحسن عمل جهاز المناعة في الإنسان.

وعلى الجانب الآخر يحذر المتخصصون من الإفراط في تناول التوابل لمردودها العكسي على الصحة أحيانا، فكثرة التوابل لها آثار وخيمة على مرضى قرحة المعدة كما أنها تسبب البواسير واحتقان البروستاته، وقد يشكو البعض من زيادة العرق المصحوب بلون أصفر أو أحمر أو بني، فيما يعرف بظاهرة العرق المتلون الذي هو عبارة عن اضطراب وظيفي يصيب الغدد العرقية ويرجع سبب ذلك إلى عدة عوامل منها كثرة تناول الفلفل والتوابل الحارة.

كما حذر خبراء التجميل من خطورة إقبال السيدات على تناول الأطعمة المتبلة والغنية بالبهارات الحارة والتوابل القوية. وقالوا: إن تناول كميات كبيرة من الطعام الحار سواء كان الشطّة أو البهارات الحارة مع وجود حالة إمساك يعتبر أكبر عدو للبشرة، والذي يفقدها بريقها ونضارتها، مشيرين إلى أن مساحيق التجميل لا تكفي لحل هذه المشكلة، فتصاب البشرة بالإرهاق وتمتلئ بالبثور، وينصح الخبراء في مقالة نشرتها مجلة (المرأة) المتخصصة في شؤون النساء والعائلة الأمريكية، بتناول طعام صحي ومتوازن واستهلاك الكثير من السوائل والعصائر الطبيعية وشرب ما يوازي لترا ونصفاً من الماء يوميا، مع الإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة.

مجلة الكويت