محمد لطيف : موسم الحريات.. وإجازة كمان يا رب!
لو كنت مكان الحكومة لأعلنت عن موسم للحريات.. وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني.. فمؤتمر الحوار الوطني هذا.. حتى الآن هو نشاط مراسمي تجري فعالياته في قاعات مغلقة.. حتى إن البعض لم يشعر بها.. وبعض هذا البعض لم يسمع بها حتى.. ومظهر من مظاهر الجدية.. وهي كثيرة.. أن يتحول هذا الحوار إلى طقس شعبي.. يتعاطاه الناس في الشوارع.. وفي الميادين العامة.. وفي دور الأحزاب.. وعلى ذكر الأحزاب فموسم الحريات يكون موسما تمارس فيه الأحزاب السياسية نشاطها السياسي.. من ندوات ومحاضرات وورش عمل ومسيرات ووقفات.. دون تصاديق.. بل فقط بالإخطار.. وأن تتحول الشرطة إلى منظم لهذه الأنشطة لا مصدق ولا مانح.. أليس موسما للحريات..؟ على أن ترفع بقية المؤسسات يدها.. كما يسمح للتنظيمات الطلابية السياسية أن تمارس نشاطها السياسي دون تدخل أو حجر.. وفي هذا الموسم تلتزم الحكومة بعدم قطع الإمداد الكهربائي عن أي منطقة يقام فيها نشاط سياسي طالما كان هذا النشاط ملتزما بقواعد حفظ النظام..!
وحيث أن الدولة مسؤولة عن الجميع.. وحيث أن الحكومة تنوب عن الشعب في إدارة الدولة.. فمن المهم أن ينسحب هذا الامتياز.. أي امتيازات موسم الحريات.. على الجميع أيضا.. على الأحزاب المعارضة قبل الحاكمة.. حتى تلك التي ترفض المشاركة في مؤتمر الحوار.. يكفل لها موسم الحريات أن تمارس نشاطها السياسي في الهواء الطلق.. دون قيد أو شرط.. وإذا كانت واحدة من المواقع المهمة التي توقع فيها المراقب نشاطا لافتا يعبر عن موسم الحريات.. فصول الدراسة وقاعات المحاضرات.. حيث تخصص لتعليم النشء معنى الحرية.. وكيفية ممارستها.. والأهم من ذلك تعليمه أن من حقه التعبير عن رأيه بشجاعة.. ودون خوف من العقاب.. فمن المهم أن تكون وسائل الإعلام مترجما أمينا وعاكسا صادقا لأنشطة موسم الحريات.. حيث تتراجع التصريحات الحكومية.. والأفضل أن تختفي تماما.. وتتقدم محلها رؤية الشعب للحريات.. كيف يراها.. ماذا يريد منها.. وهل الحرية غاية أم وسيلة..؟
على أن تطرق وسائل الإعلام.. بعد إبعاد كل حراس بوابات المعلومات.. وعبر الخبراء والمختصين.. على شرح حقوق المواطن.. وأن تستنطق فقهاء الدستور وخبراء القانون لشرح وثيقة الحقوق للمواطن.. حتى يعرف حقوقه.. كاملة غير منقوصة.. وأن يعلم المواطن في هذا الموسم أنه هو مصدر كل شيء.. وليس الحكومة.. وأن الحكومة مجرد جهاز من أجهزة الدولة.. مهمتها خدمة المواطن وليس العكس.. ولا بد في موسم الحريات هذا.. أن يشهد الشارع كرنفالات للفرح.. تعبيرا عن هذا الموسم.. واحتفاء بالحرية..!
ولعل من نافلة القول إن موسم الحريات هذا سيكون فرصة طيبة للحكومة لاختبار مدى قدرة الشعب على استخدام الحريات بشكلها الصحيح.. قبل أن تتورط في إجازة توصيات مؤتمر الحوار الوطني.. هذا بالطبع إن كان المؤتمر سينتهي بتوصيات تطلق الحريات كافة كما نسمع.. كما أنه وبالنسبة للشعب ستكون فرصة طيبة لاختبار جدية الحكومة أولا.. ومن ثم الاستعداد للاحتمالات كافة وفق مقتضى الحال.. أما آخر المقترحات.. وحيث أن لكل موسم يوما ختاميا فيوم الحادي والعشرين من أكتوبر هو اليوم الختامي الأنسب لموسم الحريات.. وما أدراك ما واحد وعشرين أكتوبر للشعب السوداني..؟!