محمد لطيف : منع المقتنعين أم.. إقناع الممانعين؟ “2”
أشرت أمس إلى أمرين أربكني بهما محمد بحر القيادي المنشق عن العدل والمساواة قبل سنوات.. فإصراره على أن أتحدث مع سيف كوكو في لندن بشأن اتهاماته لخليل إبراهيم لم تكن في صالحه.. فقد أربكني حقا أن شهادة سيف يومها قد جاءت في صالح خليل وليس بحر.. وكان تأكيد سيف قاطعا عن عدم وجود أي صلة بينه وبين مجموعة بحر في الدوحة.. وقد كانت هذه هي المفاجأة الثانية التي انتظرني بها سيف حين اتصلت عليه في اليوم التالي.. أما سبب الإرباك الثاني من جانب السيد محمد بحر لشخصي.. فقد ظل يؤكد لي أنه وخلال أيام قلائل ومن مقره آنذاك في الدوحة.. سيفجر قنبلة داوية ستزلزل الأرض تحت أقدام خليل إبراهيم.. وستهز حركة العدل والمساواة.. وسيكون ذلك نهاية مرحلة في عمر الحركة هي مرحلة خليل إبراهيم.. وبداية مرحلة جديدة هي مرحلة محمد بحر.. وأن الغلبة في صفه هو.. ثم عدد لي عددا من الأسماء قال لي إنها أسماء لقادة ميدانيين.. وكلهم غاضبون على خليل.. وأنهم ينتظرون الفرج على يد محمد بحر.. ولم يكن لدي ما يدفعني للتشكيك في بحر.. أو تكذيبه.. وحين كنت ألاحقه بالأسئلة كان يتعلل بانشغاله بوالده الذي ذهب القاهرة مستشفيا.. ذات مرة تحدثت بالفعل إلى والده الحاج بحر بأحد مشافي القاهرة.. وفي الواقع لم يكن لدي غير أن أنتظر.. وانتظرت طويلا..!!!
وأخيرا.. سمعت أن محمد بحر قد نزل الخرطوم مشاركا في الحوار الوطني.. وهذا قراره هو.. ثم قرأت تصريحا لبحر قال فيه إنهم يشاركون في الحوار بقناعتهم الخاصة.. وإن لديهم رؤيتهم التي سيعرضونها في المؤتمر.. وهذا حقه بالطبع.. ولكن ما لفت نظري أن آلية الحوار (7+7) كما تسمى.. قد سارعت بعد الترحيب بمحمد بحر بإعلان قرارها ضمه إلى لجنة الاتصال بالحركات الرافضة للحوار.. تحت مظلة جهد أسموه.. إقناع الممانعين بالإقبال على الحوار والانخراط فيه..! ومبعث الاندهاش في هذا الموقف هو أنه وبتجاوز ثقل محمد بحر وحركته أو حزبه أو مجموعته سمها ما شئت.. وبتجاوز مدى تأثيره وفاعليته في المشهد السياسي.. القائم الآن والمحتمل.. بغض النظر عن كل ذلك يظل استعراض جانب من تاريخ محمد بحر الخلافي مثيرا لسؤال موضوعي عن مدى أهلية الرجل للعب دور مثل هذا وسط الحركات تحديدا.. هذا ليس تشكيكا في كفاءة بحر ولا في قدراته.. ولا حتى تاريخه.. ولكن المنطق يقول إن معيار النجاح الحاسم لأي عملية هو اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب.. عليه يمكن القول إن محمد بحر يصلح أن يكون رئيسا لآلية إدارة الحوار الوطني.. ولكنه بالضرورة ليس مناسبا للعب دور الوسيط للعمل وسط الحركات المسلحة.