الاتحادي في خانة الفعل
* جميل جداً أن يثبت الاتحاديون أنهم ما يزالون قادرين على صناعة الفعل، وتحريك جامد الساحة السياسية، لتحتل أخبارهم قمة (مينشيتات) الصحف، وتضع نفسها في مقدمة اهتمامات البرامج المختصة بتحليل مضمون الصحف (وما أكثرها هذه الأيام).
* جميل أن يتداعى الاتحاديون لمناقشة مآلات كيانٍ عريق، كان ملء السمع والبصر.. بصفته حزب الحركة الوطنية والوسطية، الذي يرفع الاعتدال شعاراً له، وتزين (الديمقراطية) اسمه الجميل، حتى وإن فارقت منهجه أكثر من نصف قرن، قضاها الحزب من دون أن يتمكن من عقد مؤتمره العام.
* الاجتماع الذي عقدته مجموعة (الشرعية) بمنزل القطب الاتحادي ميرغني بركات يوم أمس الأول، استحق الاهتمام الذي حصل عليه من وسائل الإعلام، لأنه شهد مشاركة أكثر من خمسمائة شخصية قيادية، تداعت من العاصمة والولايات، بدعوة من لجنة قادها طه علي البشير، وحصلت على دعم قوي من السيد إبراهيم الميرغني، الناطق الرسمي باسم الحزب، لمناهضة ما سمته (اختطاف مجموعة السيد الحسن للحزب).
* رد فعل مجموعة الحسن لم يخرج عن الإطار المعتاد، لأنها سارعت إلى تجميد نشاط مستضيف اللقاء، وتشكيل لجنة لمحاسبته على (تجاوزاته المتكررة في حق الحزب وقياداته).
* المحاسبة المزعومة قيل إنها ستتم بأمر اللجنة القانونية للحزب، ولا أحد بالطبع يدري شيئاً عن هوية اللجنة المذكورة، ولا الجهة التي كونتها، في ظل حالة العوز التنظيمي المزمن، والفوضى (غير الخلاقة) التي دخل فيها الحزب منذ أن توجه زعيمه إلى عاصمة الضباب، تاركاً حزبه يتشظى، وتشتعل في أطرافه نيران الصراع، من دون أن يبادر بحسم الخلاف.
* استعصم مولانا بصمتٍ امتد عامين، حتى جعل البعض يعتقدون أنه فقد القدرة على إدارة شؤون الحزب، واكتفى بأداء دور المتفرج بامتياز يحسد عليه.
* ما حدث في (أم بدة) مساء أمس الأول، أكد حقيقة تململ القواعد الاتحادية من النهج الإقصائي الذي يدير به السيد الحسن الحزب، بعد أن اتخذ من الفصل والبتر منهجاً للتعاطي مع كل من يخالفونه الرأي، وقنع من غنيمة السلطة وأحجية (خطة المائة وثمانين يوماً) بمنصبٍ لم يضف إليه جديداً، ما خلا خلافته لشقيقه جعفر، الذي خرج من القصر مثلما دخل، من دون أن نسمع له صوتاً، أو نرى له بصمةً، تؤكد أحقيته بالمنصب المرموق.
* المجموعة التي أطلقت على نفسها مسمى (الشرعية) لم تستطع الخروج من فلك الميرغني الأب، على الرغم من عظم ثورتها على الابن، وحصولها على دعم أحد أبرز أقطاب (بيت المراغنة)، بدليل أنها أصدرت توصياتها، واكتفت برفعها إلى زعيم الحزب لإجازتها، ونعتقد أن انتظارها سيطول، إن ظنت أن مولانا سيجيز ما أجمعت عليه، إما لأنه لا يرغب في ممارسة مهامه القيادية، أو لأنه فقد القدرة على القيادة.
* في كل الأحوال يبقى الحراك الأخير إيجابياً، لأنه نفى عن الحزب العريق صفة الخمول، وحمل بعض البشريات عن قرب موعد عقد مؤتمرٍ عام، كاد الحديث عن تنظيمه يصبح رابع المستحيلات الثلاثة.