العلماني والشيوعي هل يفيده صومه وصلاته؟
فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم
السؤال:
هل يصح أن نقول: إن العلماني والشيوعي الذي يكون بيننا في مجتمعنا يصلي ويصوم لا ينفعه ذلك لعدم اعتقاده بالشريعة كنظام حكم للدولة؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فنحن في زمان قد التبس فيه الحق بالباطل عند كثير من الناس، واختلط فيه الخطأ بالصواب، ومطلوب منا – معشر المسلمين – أن نبين ما نعتقده حقاً، معتمدين في ذلك الحكمة والموعظة الحسنة التي هي شعار دعوتنا {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} وفي الوقت نفسه نرجو للناس – كل الناس – الهداية والرشاد، قدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسـلم الذي طلب منه أن يدعو على ثقيف حين أثخنت في أصحابه قتلا فقال “اللهم اهد ثقيفاً وأت بها” وجواباً على سؤالك أقول:
إن الشيوعية مذهبٌ فكريٌ يقوم على الإلحاد، وأن المادة هي أساس كل شيء، ويفسِّر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي. وقد ظهرت في ألمانيا على يد ماركس وإنجلز، وتجسدت في الثورة البلشفية التي ظهرت في روسيا سنة 1917م بتخطيط من اليهود، وتوسعت على حساب غيرها بالحديد والنار؛ فالشيوعية مذهب إلحادي يعتبر أن الإنسان جاء إلى هذه الحياة بمحض المصادفة وليس لوجوده غاية؛ وبذلك تصبح الحياة عبثاً لا طائل تحته؛ ويحرم معتنقها من سكينة النفس ونعيم الروح، ومن ثم فلا يمكن أن يجتمع الإسلام والماركسية في قلب رجل واحد؛ لأنهما متناقضان كل التناقض في العقيدة والفكر والمنهج والسلوك.ا.هــــــــــــــ
وأما الأفكار والمعتقدات التي قامت عليها الشيوعية فتتلخص في الآتي:
1. إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات والقول بأن المادة هي أساس كل شيء وشعارهم: نؤمن بثلاثة: ماركس ولينين وستالين، ونكفر بثلاثة: الله، الدين، الملكية الخاصة، عليهم من الله ما يستحقون.
2. فسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البرجوازية والبروليتاريا (الرأسماليين والفقراء) وينتهي هذا الصراع حسب زعمهم بدكتاتورية البروليتاريا.
3. يحاربون الأديان ويعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب وخادماً للرأسمالية والإمبريالية والاستغلال مستثنين من ذلك اليهودية لأن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة!!
4. يحاربون الملكية الفردية ويقولون بشيوعية الأموال وإلغاء الوراثة.
5. تتركز اهتماماتهم بكل ما يتعلق بالمادة وأساليب الإنتاج.
6. إن كل تغيير في العالم في نظرهم إنما هو نتيجة حتمية لتغيّر وسائل الإنتاج وإن الفكر والحضارة والثقافة هي وليدة التطور الاقتصادي.
7. يقولون بأن الأخلاق نسبية وهي انعكاس لآله الإنتاج.
8. يحكمون الشعوب بالحديد والنار ولا مجال لإعمال الفِكر، والغاية عندهم تبرر الوسيلة.
9. يعتقدون بأنه لا آخرة ولا عقاب ولا ثواب في غير هذه الحياة الدنيا.
10. يؤمنون بأزلية المادة وأن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأول للأفراد والجماعات.
11. يقولون بدكتاتورية الطبقة العاملة ويبشرون بالحكومة العالمية
12. تؤمن الشيوعية بالصراع والعنف وتسعى لإثارة الحقد والضغينة بين العمال وأصحاب الأعمال.
13. الدولة هي الحزب والحزب هو الدولة.
14. تنكر الماركسية الروابط الأسرية وترى فيها دعامة للمجتمع البرجوازي وبالتالي لا بد من أن تحل محلها الفوضى الجنسية.
15. لا يحجمون عن أي عمل مهما كانت بشاعته في سبيل غايتهم وهي أن يصبح العالم شيوعياً تحت سيطرتهم. قال لينين: إن هلاك ثلاثة أرباع العالم ليس بشيء إنما الشيء الهام هو أن يصبح الربع الباقي شيوعيًّا!!!!! وهذه القاعدة طبقوها في روسيا أيام الثورة وبعدها وكذلك في الصين وغيرها حيث أبيدت ملايين من البشر، كما أن اكتساحهم لأفغانستان بعد أن اكتسحوا الجمهوريات الإسلامية الأخرى كبُخاري وسمرقند وبلاد الشيشان والشركس، إنما ينضوي تحت تلك القاعدة االإجرامية.
16. يهدمون المساجد ويحولونها إلى دور ترفيه ومراكز للحزب، ويمنعون المسلم إظهار شعائر دينية، أما اقتناء المصحف فهو جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة سنة كاملة.
17. لقد كان توسعهم على حساب المسلمين فكان أن احتلوا بلادهم وأفنوا شعوبهم وسرقوا ثرواتهم واعتدوا على حرمة دينهم ومقدساتهم.
18. يعتمدون على الغدر والخيانة والاغتيالات لإزاحة الخصوم ولو كانوا من أعضاء الحزب.
ولما ظهر عوار هذا المذهب الهدام ولم ينل معتنقوه خيراً بعد سبعين سنة عجاف، لفظته الشعوب التي حكمت من خلاله بالحديد والنار في أوروبا الشرقية وغيرها، وتفكك الاتحاد السوفييتي الذي كان يرعى تلك الفكرة ويمول دعاتها في كل مكان، وذلك في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، لكن ناساً من بني جلدتنا ما زالوا مستمسكين به عاضين عليه، ونسأل الله لهم الهداية. وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء من المنكرين لوجود الله أو الشاكين في البعث والنشور، لكن بينهم وبين أسلافهم قاسم مشترك يتمثل في إنكار حاكمية الإسلام ووجوب جعله مرجعية توجه حياة الناس، مع معاداة الدعاة إلى الله والسخرية منهم والحط من شأنهم مستغلين في ذلك كل وسيلة متاحة، ولا حرج عندهم في أن يضعوا أيديهم في يد كل معاد للدين – يهودياً كان أم نصرانيا أم ملحدا – ويشهد على ذلك فعالهم في سائر البلاد. وكثيرون منهم تحولوا للمناداة بشعارات حقوق الإنسان وتحرير المرأة ووضعوا أيديهم في أيدي الأمريكان والأوروبيين الغربيين بعدما مكثوا حيناً من الدهر يصمونهم بالإمبريالية واستغلال الشعوب وما إلى ذلك من شعارات رنانة.
وأما العلمانية فهي كلمة قصد بها واضعوها معنىً لا يتفق مع تعاليم الإسلام وهو فصل الدين عن الحياة؛ بمعنى أن يكون الدين قاصراً على شعائر التعبد التي تقام في مكان معين – المسجد المنزل- ولا علاقة له بعد ذلك بالحياة – سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو تعليمية – بل يسوس الناس حياتهم بما يحقق مصالحهم وفق ما يرون، دون تدخُّل من الدين أو تقيُّد بأحكامه، ولا ريب أن هذا المعنى باطل يغني بطلانه عن إبطاله؛ لأن كل من قرأ القرآن يعلم أن أطول آياته – آية المداينة – ما تكلمت عن الشعائر بل عن المال والديون، وأن أطول سور القرآن – سورة البقرة – فيها حديث عن القتال والجهاد والقصاص والنكاح والطلاق والعدة والنفقة والمتعة والرجعة والإيلاء والصداق والربا والصرف والبيوع كما أن فيها حديثاً عن الطهارة والصلاة والصيام والصدقة والحج والعمرة؛ فالإسلام كلٌ لا يتجزأ، ومن يدعو إلى العلمانية فإن حقيقة دعوته تنحية آيات كثيرة من القرآن بل سوراً كاملة عن العمل، وإبطال مفعولها، وعدم الاعتراف بسيادتها؛ مما عبر عنه بعضهم بقوله: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله!!! وقول آخرين: لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين!! فتحقق في هؤلاء قول ربنا سبحانه ((أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون)) وقوله سبحانه ((كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ . فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ . الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ))
ولئن ساغت العلمانية في بلاد أوروبا لأن النصرانية محرفة، ولأن رجال الدين سيطروا على عقول الناس وقلوبهم؛ وحاربوا العلم والعلماء حرباً لا هوادة فيها؛ ولأن النصرانية لا تتضمن نظاماً متكاملاً عن الحياة؛ فإنها لا تسوغ في مجتمعات المسلمين بحال؛ لأن الإسلام دين شامل متكامل يستغرق قضايا الدنيا والآخرة، ويلبي مطالب الروح والجسد، ونصوصه الكلية تندرج تحتها من أحكام الجزئيات ما لا يتناهى كما قال ربنا سبحانه ((ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)) وخلاصة القول أن العلمانية لا تتفق وأصول الإسلام؛ لأنها قاضية بإقصاء الدين عن مجالات شتى الحياة، وهو ما لا يتفق وطبيعة الدين وتعاليمه.
وعليه فالمطوب منا تجاه هؤلاء المنادين بالشيوعية أو العلمانية وهم يصلون ويصومون أن نبين لهم فساد مذهبهم وبطلان معتقدهم، وأن نجهد أنفسنا في بيان الحق لهم والصبر عليهم، مع معرفة أن لازم المذهب ليس بمذهب، وأن أكثر هؤلاء إنما أتي من قبل جهله بدينه وإهماله تعلم أحكامه مع ما رأى من فساد بعض المنتسبين إلى الدين مما زهده فيه، وفي الوقت نفسه خدع بزخرف القول الذي يزينه أولئك، أو بالشهوات التي يبذلونها لمن كان معهم والوعود والأماني العِذاب التي يمنونه بها، ولو أعمل عقله ولجأ إلى ربه وسأله العصمة والسداد لعلم فساد ما هم عليه.
هذا ومن أصر على القول بأن الإسلام لا شأن له بالحياة وأنه يقتصر على العلاقة بين العبد وربه فلا يوجه اقتصاداً ولا سياسة، فإنه بذلك يكون منكراً لمعلوم بالضرورة من دين الإسلام، فلا ينفعه صلاة ولا صوم؛ لأن الله جل جـلاله الذي فرض الصلاة والصيام هو الذي فرض الزكاة والجهاد وحرم الربا والخمر، وهو الذي بين مكارم الأخلاق ومساوءها، ولا يقبل من العبد أن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، والله الهادي إلى سواء السبيل.
أطال الله فى عمرك يا شيخنا الكريم
أحسنت يا شيخ وجزاك الله خير الجزاء لفضح هؤلاء الملحدين الذين يريدون أن يوردونا موارد الهلاك ويريدون للسودان الخراب والدمار وأن نصبح مثل العراق وسوريا .. هو على رأسهم الملحد الكبير ” ياسر عرمان” هل أمثال هؤلاء فيهم خير .. نحن نعرف أنهم منبوذون ومكروهون من الشعب السوداني ولا قاعدة جماهيرية لهم إلا القلة القليلة من فاقدي البوصلة الذين يتخذونها ستار لأفعالهم القبيحة حتى يقولوا “شيوعي” ما عليه لوم ولا عتب … ونأمل بأن يطلع كل اولادنا خاصة الشباب على هذا الرد الشافي والتعريف للشيوعية والعلمانية