محمد لطيف : قبل وعد الأمريكيات.. اعتذروا للسودانيات
(وعد مسؤولون بالبرلمان مسؤولة بالسفارة الأمريكية بالخرطوم، بمراجعة المادة 152 من القانون الجنائي المتعلقة بالزي الفاضح، بالتعديل أو الإلغاء.).. هذه هي الفقرة الأولى من خبر حملته صحف الأمس.. ولا ضير أن يعد البرلمان أو أي مسؤول فيه بمراجعة أي قانون تضرر منه مواطن سوداني.. ولكن حين يكون هذا الوعد مبذولا لغير ذلك المواطن فالأمر بحاجة لمراجعة.. فالمادة التي وعد برلمانيون يمثلون لجنتين مهمتين في البرلمان.. لجنة التشريع ولجنة الشؤون الخارجية.. المسؤولة الأمريكية بمراجعتها.. قد سبق وأن حفيت أقدام النساء السودانيات وهن يقدن التظاهرات والاحتجاجات من وقفات إلى مسيرات مناهضة لهذه المادة وغيرها من المواد التي تحط من قدر المرأة.. وتسيء إليها.. وتغمط حقها في حياة كريمة في وطنها.. بل وتجعلها محل الإهانة والاحتقار.. هذه المادة وشبيهاتها من مواد وضعية حاطة بالكرامة الإنسانية.. ظلت تطبق وفق اجتهادات المطبقين.. في وقت عجزت فيه أي جهة رسمية أو غير رسمية في تقديم تعريف جامع يحدد الزي الفاضح.. بل وقبل هؤلاء المطالبين والمطالبات بمراجعة هذه المواد.. كان طابور طويل من النساء.. يدفع ثمن وجود هذه المادة الغامضة الفضفاضة.. فجلدن على رؤوس الأشهاد.. وقبل ذلك ساقوهن بأساليب مذلة.. ثم حبسن وعوقبن نفسيا.. قبل أن يعاقبن جسديا على رؤوس الأشهاد.. ثم احسب.. ياهداك الله.. كم أسرة اهتزت اركان استقرارها.. وتفرق شملها.. ثم كم من الأسر لا تزال تتجرع الغبن جراء ما لحق ببناتها من ظلم..!
(واستفسرت مسؤولة الإدارة السياسية وحقوق الإنسان بالسفارة، لجنتي التشريع والعدل والشؤون الخارجية بالبرلمان، أمس عن قانون النظام العام والمادة 152 من القانون الجنائي المتعلقة بالزي الفاضح والتي اعتبرت أنها تشكل انتهاكاً لحقوق المرأة).. وهذه هي الفقرة الثانية من الخبر.. إذن التي تهافت برلمانيون لإرضائها وتطييب خاطرها وبذل الوعود لها بمراجعة المادة.. ليست سفيرة ولا قائمة بأعمال.. بل هي مجرد موظفة.. تشغل وظيفة بالأصالة أو مجرد تكليف.. نعم.. الناس وفق ما طالبوا وما أجمعوا عليه من ضعف هذه المادة وتعارضها مع الدستور.. لكن المحزن حقا.. أن المواطن الذي يطالب بهكذا مراجعة يكون نصيبه الإذلال والمطاردة بالهراوات.. ثم يمضي البرلمانيون في اللهاث وتقديم التنازلات لليانكي حين تعلن عضو لجنة التشريع والعدل مثابة حاج عثمان في تصريحات محدودة أن النواب وعدوا المسؤولة الأمريكية بمراجعة المادة بالتعديل أو الحذف.. والمادة المعنية هي تلك التي تنص على أنه (من يأتي في مكان عام فعلا أو سلوكا فاضحا أو مخلا بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً).. بقي أن نقول إن خطوة البرلمان بمراجعة المادة.. توجب عليه قبل أن يقدم وعوده لهذه الموظفة الأمريكية المتواضعة أن يقدم اعتذارا للشعب السوداني عموما.. ولنساء السودان بصفة خاصة.. يؤكد فيه إن إساءة بالغة قد وجهت لكل من طبقت عليها أو عليه هذه المادة.. ثم.. يتبنى البرلمان.. شخصيا.. تعويض كل من أوذي.. أو أوذيت من تطبيق هذه المادة.. وإلا فلن يعدو الأمر محض إرضاء عارض.. يزول بزوال المؤثر..!