آباء وأمهات “+ 30” 2-2
تمعن أمي في انتقادي دائما على اعتبار أنني لا أجيد أصول التربية!.. وأعترف سريعا في كل مرة بذلك حتى أنهى الجدال الذي قد يتفاقم بيننا.. أمي تعتقد أنني أدلل أبنائي والتربية تحتاج للحزم والشدة مثلما حدث معنا.. وأنا – كنت – أعتقد أن الصداقة والمودة هي التي قد تأسر أبنائي وتسمح لي بإحكام السيطرة حتى اكتشفت أنني حالمة أكثر مما يجب وأن أبنائي ليسو بالبراءة والسذاجة التي أظن.. ولا يسهل قيادهم.. ولكنهم عالمون ببواطن كللللل الأمور!!
وتأكيدا لقولي هذا واستكمالا لما بدأناه البارحة.. سأسرد عليكم الحكاية الثانية التي تدق كل نواقيس الخطر في حياتنا بصوت مرتفع لا تنكره الأذن إلا من صمم أو نفاق وادعاء!!
وكنت قد ألحقت أبنائي بمدرسة خاصة متوسطة الحال تفتقر للمباني والخدمات الفخيمة لكنها في اعتقادي تقدم الخدمات الأكاديمية اللازمة بفضل معلميها القدامى المتمرسين!
وتركت لهذه المدرسة مسؤولية أن تقاسمني التربية بكل اطمئنان..!!.. ثم انهار حصن الأمان الذي كان يحوطنا قبل أيام حين راح أبنائي يتجاذبون أطراف الحديث على مائدة الغداء عرضا وبشكل جانبي وأحدهم يسأل الآخر عن سيناريو الوقائع التي حدثت مع زميلهم فلان بعد الواقعة الأخيرة؟!
أثار حديثهم الغامض فضولي فسألتهم عن التفاصيل.. ترددوا قليلا.. شعرت بحرجهم الذي أثار قلقي فأصررت على معرفة الواقعة!!
ويااااللهول.. تلاميذ من الصف الثامن -لاحظوا معي لتلاميذ هذه.. ليس تلميذين مثلا – ضبطوا بالجرم المشهود في حمامات المدرسة نهاية اليوم الدراسي!!!.. ذلك الجرم الذي منعت الفنانة ندي القلعة بترديد أغنيتها الأخيرة التي تشير إليه بوضوح!!!.. لقد حمل لي أبنائي (خبر الشوم).. وحينما رأوا ردة فعلي المستنكرة أثارت فيهم روح الرواية فراحوا يحدثوني عن العبارات النابية التي تكتب على الجدران.. والألفاظ البذيئة المتداولة وسط الطلاب، واكتشفت حينها أنهم يعلمون أكثر مما كنت أظن وأكثر مما ينبغى!!!!
أطفال.. بكل المقاييس أطفال.. لم يبلغ بعضهم الحلم.. ويسلكون تلك المسالك وينغمسون في ذلك المستنقع داخل الحرم المدرسي لمدرسة خاصة يفترض أن تقدم رعاية أكثر مدفوعة القيمة من دمائنا!!!
والأدهى والأمر.. ردة فعل أولياء الأمور حين تم استدعاؤهم!!.. استنكار وصراخ وتهديد ووعيد لإدارة المدرسة!! بدلا من أن يطأطئ أحدهم رأسه ويذرف دمع الندم والخوف والأسف.. يقف بكل صلف مدافعا عن فعلة ابنه المشينة.. وكأنما يوفر له الحماية اللازمة.. ويقول له لا عليك.. افعل ما تشاء بعيدا عن الدين الحنيف والأخلاق الحميدة!!
إدارة ومعلمو المدرسة أعربوا عن عجزهم وأسفهم.. اكتفوا بفصل الفاعلين الذين كشفتهم الظروف.. وقد يكون هناك غيرهم!!
أكاد أجن من قلقي وخوفى.. أطارد أبنائي في كل مكان وألاحقهم بأسئلتي التعسفية وأفرض عليهم الحصار المطبق حتى أنني فكرت جديا في منعهم من الدراسة!!
أحد المعلمين يواجهني بكل شفافية بأن مثل هذه الوقائع تتكرر كثيرا وقد أعياهم تقويم البعض ولم يعد التلاميذ يرتدعون أو يكترثون لأمر المعلم كثيرا..!! والسبب الرئيس في كل ذلك السلم التعليمي الحديث.. ثم انحسار تأهيل المعلمين.. وتراجع قيم المجتمع.. وانعدام الوعي لدى أولياء الأمور.. واكتفاء الجميع بالقشور دون الغوص في الجوهر!
صبية في طور المراهقة.. يجابهون الانحراف من كل الجهات.. يعانون من الإهمال.. انشغال ذويهم.. سلبية معلميهم.. انعدام الواعز الديني.. الانفتاح التكنولوجي.. و.. و.. و….!!
فماذا ننتظر؟.. وكيف نرى مستقبلهم.. وأين نذهب من الله؟!!
تلويح:
لماذا أصبحنا ننجب أبناءنا؟!
اللهم لطفك ،، والله انها ماساة يا أستاذة ومعضلة يصعب معها التفكير والتقدير ….