احمد دندش

(لحمّ) الحياة منك.!


جاء في الاخبار ان احدى المذيعات اخطأت في نطق كلمة (اللحن) وإستبدلتها بـ(اللحم)، ذلك الخطأ الذى دفع الكثيرين للسخرية منها، فيما طالبها البعض بضرورة التركيز اكثر عندما تجلس امام الكاميرات، اما آخرون فقد دافعوا عن تلك المذيعة وقللوا من خطأها، معللين بأنه خطأ (غير مقصود) و(زلة لسان) لاتجوز معها المحاسبة.
وبعيداً عن تلك المذيعة-وقريباً جداً من خطأها (الغير مقصود)-اجد شخصياً ان ثمة علاقة كبيرة مابين (اللحن) و(اللحم)، خصوصاً في هذا الزمان الذى صارت فيه (الحان) بعض الاغنيات الشبابية تنهش ماتبقى من (لحم) حياء المستمع وتحيل ذوقه العام الى مملكة من (العظام).!
اضافة الى ذلك، فأن الهجرة الجماعية الملحوظة لاغلب الشعراء الكبار لمدائن (تفصيل الاغنيات) على حسب (مقاسات حناجر) الفنانين الشباب، يمثل رابطاً آخراً مابين (اللحم) و(اللحن)، فلجؤ اولئك الشعراء الكبار لـ(تفصيل الاغنيات) -في زمان موضة الملابس الجاهزة-يمثل ابلغ دليل على محاولتهم البقاء داخل (السوق)، و(تلقيط) ماتيسر من مال عبر تقديمهم للعديد من التنازلات في مقدمتها اللجؤ الى (تفصيل الاغنيات)، وبذلك هم يبحثون عن توفير (اللحم) لابنائهم، اكثر من حرصهم على البحث عن (لحن) جيد.!!
و(لحن) لاغنية شبابية استمع اليه قبيل فترة، فأعيد السمع (كرتين)، قبل ان اسأل كل من اقابله عن واضع ذلك اللحن (التيلماتشي)، ليخبرني احدهم بأنه (ود) جديد اقتحم عالم التلحين، ويحظى بجماهيرية هائلة وعلاقات نافذة مع العديد من الفنانين، لأهز رأسي بسخرية قبل ان اغادر وذاكرتي لاتحمل من تفاصيل كل ذلك الموضوع خلاف كلمة…(ود).!!!
بصراحة، تغير الزمان في كل شئ، لذلك من الطبيعي جداً ان تتغير حتى الحان الاغنيات، وتتحول من خانة (الاحساس) الى خانة (التركيب)، ودونكم اليوم عشرات الاغنيات الشبابية التى تعاني الحانها من داء (التركيب) تارة ومن وباء (الاقتباس) تارة اخرى.!
نعم، لن الوم تلك المذيعة على خطأها ذاك، فهي قد منحتني إلهاماً لكتابة هذا المقال عن علاقة (اللحن) بـ(اللحم)، وهكذا نحن دوماً، نجيد وبشدة ربط (المتناقضات) مع بعضها البعض، خصوصاً اننا نمتلك من حقائق (الواقع) مايساعدنا على إجادة ذلك الربط (الفوضوي).!
جدعة:
(لحمّ) الحياة منك.!
شربكة أخيرة:
غداً اكتب عن رسالة الاستاذ الحبيب محمد عبد القادر-ابوحباب- إلى رئيس اتحاد المهن الموسيقية د.محمد سيف، تلك الرسالة التى توقفت عندها طويلاً…(انتظرونا).