نقطة نظام
* ظلت الشرطة السودانية عبر تاريخها التليد منذ مملكة (كوش) وحتى تحولها لقوة نظامية بالمعنى المتعارف عليه، وانضمامها إلى البوليس الدولي (الإنتربول) مع رفع علم الاستقلال، مثالاً للانضباط والتطور والشعور بالمسؤولية.. ضحى أفراد الشرطة بأنفسهم في سبيل الحفاظ على الأمن وحماية أرواح وممتلكات المواطنين عبر حقب التكوين الشرطي المختلفة منذ غزو الأتراك السودان في زمن عرف فيه الناس رجال الباشا أو (قوات الباشبزق) الذين كانت مهامهم تتجاوز حفظ النظام لجمع الضرائب وتعقب معارضي الحكومة التركية، وصولا إلي إعادة الهيكلة التي تمت في الشرطة قبل ربع قرن لتشهد تغييراً كبيراً بدمج قوات وزارة الداخلية في قوة واحدة حملت اسم (الشرطة الموحدة) ..!!
* ظلت الشرطة بجانب مهامها الأساسية في حفظ الأمن؛ وتفانيها كذراع لتنفيذ القوانين تشارك في استتباب الأمن لمعظم الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية، ولا ينكر إلا مكابر الدور الكبير الذي لعبته في استادات كرة القدم، فتواصل النشاط الرياضي طيلة العقود الماضية يظل واحداً منقوصاً لا يكتمل إلا بوجود قوات من الشرطة تأتي للاستادات قبل فتح نوافذ بيع التذاكر وتغادر بعد خروج آخر متفرج جاء لمشاهدة المباراة .
* ما ذكر الحديث عن الإسهام الشرطي في التنافس الرياضي المحلي أو الأفريقي أو استضافة مباريات أفريقية أطرافها من الخارج إلا وتذكر الناس الدور الكبير للبوليس في استضافة السودان لمباراة مصر والجزائر المصيرية (فاصلة أم درمان) المؤهلة لنهائيات كأس العالم فالأجواء كانت وقتها في قمة التوتر والشحن الزائد بين جمهور البلدين وصل قمته؛ في الوقت الذي سدت فيه الطائرات المصرية والجزائرية الفضاء وظل مطار الخرطوم يستقبل طائرات مشجعي البلدين تباعاً، ورغم حالة الغليان التي كانت تسيطر على الجماهير الزائرة إلا أن الشرطة قامت بدورها على أكمل وجه ونجحت في تأمين المباراة وكل من جاء لحضورها حتى غادر آخر فوج السودان؛ و(إن كنا بالطبع لم نسلم ليلة المباراة من تفلتات بعض الإعلاميين المصريين الذين تعودنا منهم على التهريج والخروج عن النص والهذيان) ..!
* الحادثة الثانية التي تقف شاهداً على قدرات الشرطة في العمل المحكم في أحرج الأوقات نجاحها بامتياز في حفظ الأمن باستاد الخرطوم في اليوم الذي تلا دخول قوات حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم لأم درمان حيث طالبت الشرطة وقتها المريخ بأداء مباراته مع فريق هايلاندرز الزيمباوي بصورة عادية وبعثت برسالة للجميع فحواها أن القوات تم دحرها والحياة تمضي بالعاصمة السودانية طبيعية و(كل الأوضاع تحت السيطرة)!
* تاريخ الشرطة السودانية الحافل بالتضحيات والتفاني يجعلنا نرفع حاجب الدهشة ونحن نقرأ يوم أمس الأول بيان مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق محمد أحمد علي بوصفه مقرر شؤون لجنة الأمن بالولاية الذي أعلن فيه (قرار إلغاء) مباراتي (المريخ والهلال) و(الأمل عطبرة والنيل شندي) لدواعٍ أمنية، مع أن الجميع يدركون جيداً أن تأمين مباراة في كرة القدم من أسهل الأشياء التي يمكن أن تقوم بها الشرطة وبحنكة كاملة وتدابير نموذجية عبر أقل قوة ممكنة، ويعلم الكل أن القرار الذي جعل من الدواعي الأمنية ذريعة للإلغاء ما هو إلا نوع من (المعالجة غير الموفقة) لتفاصيل خلافات ونزاعات تسيطر على المشهد الرياضي منذ فترة بعد انسحاب فريقي الهلال والأمل من الدوري الممتاز ..!
* لم يكن من الحكمة صدور قرار إلغاء مباراة في كرة القدم بحجة عدم القدرة على تأمينها في ميقاتها المعلوم لأن ذلك التبرير يحسب على الشرطة ولجنة شؤون أمن الولاية أكثر مما يحسب لها، ويدخل جهات قومية تجد احتراماً من الجميع طرفاً في أزمة لم تكن سبباً فيها؛ ولم تساعد على اندلاعها، فقوات الشرطة بتاريخها الناصع ظلت تقف على مسافة متساوية من جميع الأطراف بالساحة الرياضية، وكان الأجدر بمدير شرطة ولاية الخرطوم رفض أية تسوية للحل تتم عن طريق إظهار قواته بمظهر العاجز عن حماية مباراة في كرة القدم، وإن كان لأية جهة ما رغبة في الالغاء فلتأت بقرار من الوزير أو الاتحاد أو غيره من الجهات فالقوات الشرطية أكبر من أن تكون ذريعة لقرار كهذا يظهرها وكأنها لا تملك التدابير التنظيمية مما يجعلها تطالب بالإلغاء لدواعٍ أمنية!
* القرار الذي تم اتخاذه على عجل أعلن (إلغاء المباراتين) مع أن اللجنة التي أصدرته ليست جهة اختصاص فني وكان بإمكانها مخاطبة الاتحاد ليتخذ قرار الإلغاء أو التأجيل، حتى يخرج القرار بصيغة (مقبولة الدواعي ومبلوعة التدابير) ..!
* يجب على والي الخرطوم الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين بوصفه رئيس لجنة شؤون الأمن بالولاية أن يقف عند حيثيات هذا القرار وكيفية صدوره والآثار السالبة التي ترتبت عليه، ورسالة الدعوة للتوقف بحسم وحزم موصولة أيضاً للفريق أول هاشم عثمان مدير عام الشرطة؛ فلا يعقل أبداً أن نأتي لنسد ثقباً فإذا بنا نفتح شلالاً .!
نفس أخير
* التدخلات الرسمية تزيد من تعقيدات الأزمات الرياضية ..!
لو فى نظام وفى رياضة حقيقية كنت ايها الجاهل عديم المنطق صحفى
انت صورة حقيقية للتخلف لانك تقودك عاطفتك وتلغى عقلك المريض بالحقد والحسد