ياها ذاته !!
تعود العاملين في تلك المؤسسة على طريقة لبس رجاء المحتشمة .. فقد عودتهم على رؤيتها وهي تلبس عباءة سوداء فضفاضة ومعها طرحة بنفس اللون .. لم يكن سوادها يقلل من بهاء وجهها ولا افتتان عبد الرحمن زميلها في المكتب بلطفها ورقة تعاملها .. بل لعله في احلامه الوردية قد قام بتضريب اخماسه في اسداسه وراود نفسه الامارة بالعرس التواقة للاستقرار مع بت الحلال، ان (يا ربي هسي رجاء دي بترضى بي لو اتقدمتا ليها)، ولكن مراكب اماله كانت ترسو به في شواطي قصر اليد فيقرر ان يكرفس اقدامه ويزجرها من التمدد ابعد من لحاف عنقريب امكاناته الهبابي ..
ظل الحال على ما هو عليه حتى نزلت رجاء لاجازتها السنوية، هنا فقط ومع غياب وجودها بجواره الذي يمتد يوميا طوال ساعات النهار العملي، تأكد عبد الرحمن ان من واجبه – في لقى في عدم – ان يستجمع شتات احواله وان يجرب حظه لعل وعسى، ولكن وبمجرد دخول رجاء للمكتب بعد غياب شهر الاجازة الا واحتار عبد الرحمن من التغير الغريب الذي طرأ عليها ..
اختفت العباءة السوداء الفضفاضة وحلت محلها لبسة اسبور .. اسكيرت ضيق الخطوة يلزم صاحبته بمشي الهوينى حتى لا (تنكفت) على وجهها، تعلوه بلوزة تضايق منها النفس وتشحتف لشدة ما اطبقت على الضلوع وكربتها .. اما الطرحة السوداء الكبيرة فقد تناقصت بركتها وشحت لدرجة حولتها لملفحة صغيرة ملقية باهمال على الكتفين !!
مع شدة استغراب جميع من في المؤسسة واولهم عبد الرحمن من هذا التحول الدراماتيكي في مظهر رجاء، الا ان برتوكولات التهذيب وحدود التعامل في اطار الزمالة الجم السنة الجميع عن السؤال (شن جد على المخدة)!!
حيرة عبد الرحمن لم تكن فقط بسبب تغير نمط ملابس رجاء وذلك لان مظهرها الجديد لم يكن ليشذ عن الشكل العام لطريقة لبس الفتيات من جيلها، فنفس الاسلوب يلتقي به في الشارع والمواصلات والجامعات وغيرها .. ما تسبب في حيرته انه كان يعلم جيدا ان أسرة رجاء من الاسر التقليدية المحافظة جدا، وان شرط موافقة والدها على عمل ابنته في تلك المؤسسة التي اغلب العاملين فيها من الجنس الخشن، كان التزامها بزي ساتر يكف عنها شرور المعاكسات ويضع حدود الكلفة الرسمية لتعامل الزملاء معها، وذلك حسب ما حكت له في اكثر من مناسبة ..
حسنا .. فلم تطل حيرة عبد الرحمن كثيرا ففي ذات صباح تسببت فيه المواصلات في تأخيره على مواعيد العمل، فقرر ان يشاقق بين الشوارع اختصارا لدقائق كان يكلفه لها سلوكه للشارع الرئيسي حينما لمح من بعيد رجاء تسير بعباءتها السوداء القديمة بطرحتها السابلة وتحمل حقيبة يدها الكبيرة وتسير نحو باب صراف آلي قريب ..
وصل المكتب وانشغل مباشرة بالعمل دون ان يغيب عن باله موضوع العباءة، ولكن عندما دخلت رجاء للمكتب تتقدل بـ اسكيرتيها الخطوة وشوية الطرحة المشحتفة تحير منه الشاويش وراسه ضرب !!
ظل يغالط نفسه في اصرار ويقول (امكن الشفتها قبل شوية واحدة بتشبها)، ولكن عيناه كانت ترفض التزحزح عن شهادة شوف الاكادة المؤكدة بأن (ياها رجاء بي ذاته وصفاتا) !!
ظلت الوهدبة ملازمة لعبد الرحمن حتى عودته في المساء للبيت، حينما جلس يتسامر مع شقيقته التي تدرس بالجامعة .. حكى لها عن معاناته من الحيرة والغلاط مع عيونه المتأكدة، فأجابته بما اقر بلابله .. وذلك بان الصراف الالي والاستراحات ومساجد النساء صارت غرف لتغير الملابس للفتيات الهاربات من الرقابة الاسرية على الازياء !!!
عاد ده كلام ؟!!