طارق شريف : ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان!
وزير الدولة بالثقافة الأستاذ سيد هارون قال في ندوة نظمت باتحاد المصارف الأسبوع الماضي، إن الخرطوم مازالت تقرأ والدليل أن معرض الكتاب الأخير الذي نظمته وزارة الثقافة وتولى هارون رئاسة لجنته العليا، وكانت نسبة توزيع الكتب فيه تتجاوز 90 في المائة، ومن 1300 طن دخلت للمعرض حسب الفواتير، رجع حوالي 13 طنا، هذا دليل واضح ان الناس في بلدي يحتفون بالقراءة رغم الأحوال الاقتصادية الصعبة وأن هموم البحث عن قفة الملاح ، لم تنسي الناس البحث عن غذاء العقول وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
ومن إشراقات معرض الكتاب في هذا العام الذي شاركت فيه 260 دار نشر ، انه حوى نشاطا فكريا وأقيمت فيه فعاليات وصلت إلى 40 فعالية مصاحبة نظم أكثرها في المقهى الثقافي المصاحب، وقد استعانت الوزارة ببيوت خبرة لمساعدتها في المهمة ، فكانت الأستاذة نازك الشيخ صاحبة شركة زيرو بوينت عند حسن الظن بها، واعانت الوزارة بهمة عالية أعادت الثقة في تعاون القطاع الخاص مع الوزارات لأن كثيرا من الشركات التي تتم الاستعانة بها من الوزارات لاتوفي بالتزاماتها ولاتجود أعمالها ، وكانت نازك حاضرة في كل الفعاليات بنفسها ووقفت على التفاصيل وأصبحت جزءا أصيلا من نجاح معرض الكتاب الذي يحسب لوزير الثقافة الأستاذ الطيب حسن بدوي ورئيس اللجنة العليا الأستاذ سيد هارون واللجنة العليا والعاملين بالوزارة.
وكان التنظيم الجيد هو العلامة البارزة في المعرض،ويحسب لوزير الصحة بولاية الخرطوم الدكتور مأمون حميدة انه خصص عربة إسعاف ظلت طوال ايام المعرض التي امتدت لأسبوعين ترابط لاستقبال الحالات الطارئة وتكفلت وزارة الصحة بولاية الخرطوم بالمنصرفات ، وهذه مبادرة يشكر عليها الوزير مأمون حميدة. ورغم انتقاد البعض للكتب التي تم منعها إلا أن الحقيقة ان عدد الكتب المصادرة قليل بالمقارنة مع المعارض الماضية وهي منعت من المصنفات الادبية، وطبعا هذا لايعني إنني أقف في صف المصادرة ، بل أتمنى أن تختفي في المعارض القادمة بعد إجازة الكتب المعروضة وسعدت هذا العام لأن المعرض لم يشهد صراعا بين السنة والشيعة ،لأنه لم يشهد عرض كتب للشيعة،وهذا فعل يتماهى مع معتقداتنا وديننا واعرافنا .
نجاح معرض الكتاب يجب ان يقود وزارة الثقافة إلى تعزيز ثقافة القراءة والبحث في الوسائل التي تساعد ان تصبح القراءة عادة يومية، وهذا أمر يتطلب التنسيق مع وزارات أخرى مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة الاتصالات، ويجب المساعدة في عودة المكتبات العامة، ومساعدة مكتبات بيع الكتب في عملها باعفائها من الرسوم وتخصيص إمتيازات لها، والمساعدة في إثراء بعض التجارب الشعبية مثل سوق مفروش، والأهم من ذلك تمويل طباعة الكتب الجديدة بالاتفاق مع دور النشر او الكتاب مباشرة، واعتقد أن أهم شئ في وزارة الثقافة هو التمويل الثقافي وليست مهمة وزارة الثقافة هي صناعة العمل الثقافي، بل هي تمويل الإبداع ، ماذا لو مولت وزارة الثقافة طباعة كتب للأدباء عيسى الحلو، وعبد الغني كرم الله واميمة عبد الله وآخرين .. ثقافة التمويل الثقافي والشراكات مع القطاع الخاص والتنسيق مع المؤسسات المحلية والدولية هي مفاتيح نجاح وزارة الثقافة.