محجوب فضل بدري : أما آن لهذا المسلسل الهزلي أن ينتهي ؟!!
*يقال والعهدة على الراوي أن أحد العُمَد شاهد لأول مرة مباراة في كرة القدم فما هان عليه أن يرى (كم وعشرين راجل) يتصارعون على (كرة ) فثارت نخوته،وقال:(هو إيه الحصل في البلد يا ولاد،يعني هي الكورة دي بكام يعني !!)وخرج من فوره ذاك إلى السوق وعاد ومعه أكثر من عشرين كُرة،قذف بها جميعها نحو الملعب،وهو يقول: (يلا كل واحد ياخد واحدة وبلاش تتعاركوا)ولست أدري كيف ستكون مشاعر ذلك العمدة الطيب لو حضر هذا الزمان الذي أصبحت فيه لعبة كرة القدم بيزنس يقدر دخله بمليارات الدولارات،وأصبح للاعب فيه سوقاً يُباع فيه ويُشترى،وعلاقات دولية تمتد حول الكرة الأرضية،ولا تستثني منها شبراً واحداً،وتنظم منافسات فيها تتسابق الدول لاستضافتها تقديراً لما تجذبه من مداخيل،وما يتبعها من سياحة وسفر وفنادق ومرافق وهلمجرا،،وفي بلادنا يزداد عشاق(المجنونة)وهذا هو اسم شهرتها،واصبح المشجعون يتنافسون على متابعة المواسم الكروية حول العالم،حتى ان ابراهيم ابني الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره،قد قدم لي تحليلاً عن مباراة ريال مدريد وبرشلونة،فقال لي (تعرف يابابا،البرسا غلب ريال مدريد أررربعة صفر،وميسي ونيمار وسواريز لعابين خلاص،لكن كريستيانو طلع ماسورة ساكت،لأنه بيلعب لي نفسو بس) ولما كانت معلوماتي عن هذه الفرق التي يتحدث عنها لا تتعدى معرفة حبوبتي بعلوم الاتصال،فقد آثرت أن لا أفضح نفسي أمام هذا الشافع المفعوص فقلت له (يا أبّوه الكورة غالب ومغلوب،) وأنا مندهش من معرفته لمجرد هذه الأسماء الأعجمية للأندية واللاعبين وخشيت على نفسي من الجهل الفاضح في هذا المجال وانسحبت من أمامه وهو يلاحقني بتحليل المباراة،ويعتقد إنني أشجع ريال مدريد،وأعاني من آثار الهزيمة الساحقة ….
*ووجهت له بعد ذلك عدداً من الأسئلة حول فريقي الهلال والمريخ،فلم يتحمس للكلام عنهما،وقال لي مابعرفهم كويس،فحاولت أن أقول له هذه فرقنا الوطنية،فإنصرف عني،فأيقنت أن العولمة التي حوّلت شبابنا لتشجيع الفرق الأجنبية،والإستماع للأغاني الأجنبية والخليجية والشامية،صرفت إهتمام الجيل الحالي من الشباب عن رياضة بلادهم وفنون بلادهم وفنانيها،وستزيد الهوة إتساعاً بمرور الزمن،وتذكرت مقولة الأستاذ البروف علي شمو (البديل لا العويل)عندما كانت اللجنة الوطنية للفضاء تجتهد في منع الاطباق ومصادرة الريسيفرات،والغلو في رسوم تصديقها،حتى لا تهب علينا رياح الاستلاب الثقافي،فقال البروف شمو مقولته تلك (البديل لا العويل) فلم نكف عن العويل،ولم نفلح في توفير البديل ،ثم صارت الاطباق على قفا من يشيل،ونحنا يانا نحنا،حال فرقنا الرياضية بائس،وحال أجهزتنا الاعلامية أشد بؤساً،حتى إنه لا يجد إرسالنا القومي،الإعتبار اللازم في معظم مكاتب الدولة وكبار المسئولين الذين يضعون مؤشرات أجهزتهم على قنوات غير قنواتنا.
*وعندما أطلت الأزمة الناشبة بين اتحاد كرة القدم ونادي الهلال،لم أتوقع أن يتطاول عليها الزمن وتستمر حلقاتها كالمسلسل المكسيكي التي تمتد لعام كامل،اويزيد،وقامت لجان للمساعي الحميدة ،وانعقدت دورة استثنائية للجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم،وتدخل البرلمان،وكل هذه الجهود طارت في هواء الازمة العاصف،والشباب عنها في شغل،يتابعون البرسا والريال،ولا يعبأون كثيراً بالمواسم الكروية المحلية كما كانت في زمان مضى،فمن يقول نيابة عن ابراهيم ولدي لهؤلاء الشركاء المتشاكسين هونوا على انفسكم،فأنتم تفقدون في كل يوم مناصرين،ويباعد الشقاق بينكم وبين قواعدكم والذين يجدون متنفساً في المنافسات الاجنبية،ولا تعجبهم ملاعبكم،ولا لعيبتكم،ولا صراعاتكم.
شاركها
Facebook