في الحوار الوطني
> اختتمنا بالأمس، اجتماعات الأمانة العامة والمكتب الدائم لاتحاد الصحافيين العرب، الذي استضافته الخرطوم خلال يومي 29 ــ 30 نوفمبر 2015م، وهي اجتماعات مفصلية اتخذت قرارات حاسمة ومهمة لم يتمكن الاتحاد من اتخاذها منذ عقود طويلة، مكنته الخرطوم بحواراتها وحيويتها وحرصها على التئام الجراح العربية من تحقيقها، كما جاء في كلمة النائب الأول لرئيس الجمهورية أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماع صباح الأحد أول من أمس، وصدر البيان الختامي متضمناً مواقف المنظمة الصحافية النقابية الأولى والجامعة من القضايا السياسية والمهنية التي جرى نقاشها خلال الاجتماعات وحوتها التقارير المقدمة أمام المجتمعين.. وفيها مناصرة كبيرة للسودان وأهله في مواجهة الحصار والعقوبات الجائرة والظالمة على أهله التي أثرت على الصحافة وصناعتها.
> لكن اللافت في هذه الاجتماعات، أنه أُتيحت فرصة كبيرة للصحافيين العرب عبر نقباء الصحافيين في البلدان المختلفة من عالمنا العربي، لزيارة مقر مؤتمر الحوار الوطني والالتقاء برئيس وأعضاء أمانة الحوار وعدد من أعضاء لجنة «7+7»، ودار حوار فاعل وبنَّاء حول قضايا السودان والحوار منذ ولادته كفكرة ومبادرة، والمراحل التي مرَّ بها، ومحاوره وقضاياه المختلفة التي تناقشها لجانه الست. وأثار القادة الصحافيون العرب موضوعات وأسئلة مهمة للغاية باعتبارهم ينظرون من الخارج إلى قضايا السودان، ولعل موضوع حملة السلاح كان من أهم القضايا التي دارت حولها النقاشات، فهم يسألون عن هوية السلاح الذي يتم القتال به، ومن يقف وراء البندقية التي تعلن الحرب ضد الدولة، وما هي هوية هذه البندقية المرفوعة؟ فخشيتهم أن كل البنادق التي تُشهر في وجه البلدان العربية وتتسبب في جريان أنهر الدماء والتخريب والدمار، تقف وراءها جهات من خارج العالم العربي، وتعمل ضد الاستقرار والأمن والسلام لشعوب هذه البلدان.. فمن يحمل السلاح ضد بلده يقتل ويدمر ويعتدي ويُسهم في خراب الأوطان، لا قيمة له ولا فائدة من حواره، إلا إذا تاب ورجع وأصلح وأفلح.
> وسأل الصحافيون العرب عن الضمانات التي أُعطيت لكل المعارضين خاصة المقيمين في الخارج ومنهم حملة السلاح، ومدى التداخل ما بين الداخل والخارج في قضايا الحوار والمؤثرات والظلال السياسية الأجنبية المُلقاة على واجهة هذه العملية المتقدمة والمتحضرة ــ كما وصفت ــ ولم يغب عن بالهم الكثير من التساؤلات حول جدية الحكومة والمشاركين في الإسراع باتمام الحوار والوصول الى نتائج يودِّع بها السودان حالة الاحتراب والصراع والخلاف التي يعيشها.
> واستغرب الصحافيون، بل تعجَّبوا من عدد الأحزاب السياسية السودانية وكثرتها، وعقدت الدهشة حواجبهم لأحزبنا السياسية التي تفوق أي أحزاب في الدنيا، وقال بعضهم إنه بجانب المائة وعشرين حزباً وخمسين حركة وبعضها قابل للانقسام والتفتُّت، والأحزاب التي لم تأتِ للمشاركة، والحركات الأخرى، والحركة الشعبية قطاع الشمال، فإن التنظيمات السياسية السودانية، ستبلغ أكثر من مائتي حزب أو ثلاثمائة، مما يجعل العمل السياسي صعباً ومضنياً ولا يمكن متابعته.. وأفاد بعضهم بأن عدد الأحزاب المهول في حد ذاته أزمة يجب أن تُعالج، وإلا تحوَّل العمل السياسي إلى فوضى وفقد قيمته. فالتنظيمات السياسية تنشأ كأوعية للتعبير عن أفكار ومواقف ورؤى سياسية واجتماعية متقاربة أو متطابقة، فلا يمكن أن ينقسم مجتمع ما إلى هذا العدد المهول من التنظيمات المختلفة حول رؤاها وأفكارها إلى هذه الدرجة!!
> ما يقدمه السودان من خلال فكرة الحوار ومبادرته، عمل كبير شهد به إخوتنا العرب أمس، وعقدوا مقارنات بين الحوارات الوطنية التي جرت في بعض البلدان مثل اليمن والعراق وسوريا وليبيا، وأجمعوا على فشلها جميعاً في حل الأزمات في هذه البلدان، وتمنوا ألا يفشل الحوار الوطني السوداني لأنه حوار داخلي بلا مؤثرات خارجية عليه، هو حوار سوداني ــ سوداني يتم بعيداً عن الأيادي التي تعبث ــ ولم تزل ــ بتماسك ووحدة العالم العربي.