حسين خوجلي

وسيف البالة ما بقطع قدر ما تسِنو ..!


(1)
> استمعت لسياسي عالي الصوت، قليل الأداء بلا سخاء وبلا جمهور، يضم نفسه اختلاقاً لمعسكر الناس والجماهير، فتذكرت إدعاء القرادة: (إنها والجمل جابوا العيش من قضروف سعد).
(2)
> يبدو أن الشيخوخة والاحباط والاغتراب قد أخذت منا الكثير من الأقلام الرياضية المعتقة. وأخذت الكتابة السياسية المتبقي، فلم يبق إلا القلة من أصحاب المواهب والرؤى بعد أن امتلأت الصحف بالكثيرين من أهل الموهبة من غير أهل الدربة والمران. والكثير من أهل المران والدربة من غير موهبة. وهؤلاء مهما فعل فيهم الزمن والتجارب يظلون تحت إنذار شاعرنا القومي:
(ممعوط ما بطير مثلا قديم دارسنو
وسيف البالة ما بقطع قدر ما تسِنو)
(3)
> كانت تخرج معه للندوت والمحاضرات ومعارض الكتاب ويشربان الشاي في احد زوايا الخرطوم الوسيمة . صنع المال فصارت الشلة اغلي منها.
وصنع المشاريع فصارت الاسفار أغلى منها ومن الاسرة. كان يعتذر بالنيابة عنها لان الاولاد لا يتركون لها فرصة للثقافة والزيارة وتفقد الخرطوم ليلاً وصباحا. رآها يوما تمسح دمعاتها فقال لماذا؟ قالت لانك يا سيدي تقول الحقيقة وانت تكذب .
(4)
سنامك حدَّر الطافه وجريدك نوَّه
كورك سالو مزيقة ورطانة وعوَّه
الخلاني بي النار أم لهيب أتكوَّه
النوم شفتو يا ساحر القلوع شن سوَّه
>>>
أكْل الشلخة لامن حصَّل البادرية
وقّه الحوري لي بعصت عريب بت ريه
كان ما أسكت الباكيات واخلف الكيه
قولة أبو فاطنة «يا الصادق» خسارة عليه
>>>
خرير دوماتو فوق عاج الرسن متلاقيه
يالغول النقيب سويلو سوق الساقيه
بت معزة الخلا الفوق الكجر متاقيا
عكرناها يا أم روبه النشوف الباقية
(5)
> كان نجماً في الندوات واللقاءات والحملات الانتخابية.. كان شاباً يومها يشع كالنجم في المنتديات خطيباً مصقعاً وكاتباً فياضاً بالتراجم والمعاني أثر في الجميع بفكره وسيرته.. تخطاه الاختيار وازدراه التنظيم وتناساه الأبكار وهده الزمن والفقر والغفلة..
عاتبني بالهاتف فزرته لا متناسياً فوجدته بقايا عظم ونفس بكيت ثلاثة مرات، الأولى حين رأيته والثانية حين سمعته والثالثة حين أطلت من الحائط بخط فارسي واضح للبيان والعيان أبيات حافظ:
مرضنا فما عادنا عائد
ولا قيل أين الفتى الألمعي
ولا حن طرس الى كاتب
ولا خف لفظ على مسمع
سكتنا فعز علينا السكوت
وهان الكلام على المدعي
فيا دولة آذنت بالزوال
رجعنا لعهد الهوى فارجعي
ولا تحسبينا سلونا النسيب
وبين الضلوع فؤاد يعي
(6)
> له راتب محدد وامتيازات مفتوحة وله امتياز إيجار وعربة لسيادته وعربة للأسرة السعيدة وبدلات سفر وعضو في 61 مجلس ادارة، وأبناءه بالمدارس الخاصة من لدن الروضة إلى الجامعة وعلى عاتق محمد أحمد الأغبش الاضاءة والمياه وصابون الحمام وعلبة النيفيا وتذاكر العمرة وتحويل العمرة وبخور المسبحة الكهرمان والسماسرة يبحثون له عن «التيكو» الحسناء الجديدة
لعيبه وشيبه..
(7)
> دخل على مكتبي آخر اليوم موظف برئ من مؤسسة كبيرة وقال لي أن كبيرهم وجههم بتحويل خدمة صغيرة كانت تقدم لصحيفة كبيرة بأن تحول لأخرى ضئيلة الأثر وكان التأثر بادئ على وجهه البرئ.. ابتسمت وقلت له الحمد لله أن كبيركم صار لديكم ولدي صغيراً..
كانت ابتسامته كالبكاء وقال لي وما هي مؤهلاته يا أستاذ؟
قلت له لقد كنا نسميه في الجامعات «بالجهل النشط» وفي هذه الأيام سقط عنه النشاط فأصبح «الجهل» وحده يمشي على قدمين..
(8)
> تم عقد القران وتم تجهيز بيت الزوجية وقامت المدينة بالفرح ولم تقعد حتي هذا اليوم (وقبض الجميع) قبض اهل المغني واهل الملهي واهل الحديقة واهل المآدب .
وتحدث كل الناس وكل الحضور عن سعادتهم الموثقة بالزواج السعيد. ذهبوا كلهم وبقي العريس حائرا هو وحده الذي لم يحدثه أحد عن الزواج وفقه الزواج وكيف يبدأ السطر الاول في «لتسكنوا إليها» .
(9)
> أن تقبض تحت التربيزة أو أن يحادث بالنيابة عنك سمسار الوزارة فليس لنا دخل بذلك فتلك أمور متداولة ما بين قبائل المفسدين الكبار والصغار والشيطان ورقيب وعتيد ولكن الذي نرغب فيه أن يكون الورق المتداول بالداخل نظيفا فعلا وكتابة .. وهنا يأتي دور الموظف الفقير المراقب لخالقه وشعبه ومثل هذا لا تتسرب من يديه (اللعوب) وهؤلاء هم الذين يراهن من أجلهم الشعب.
(10)
> أرجو من كل قلبي ان يجلس المكتب التنفيذي لأي وزير فيكتب لنا كتاباً أبيض عن انجازات الوزير واخفاقاته.. الاسباب والمسببات.
وفيلم تسجيلي عن الذي تم وقام على الأرض أو هو قيد الانشاء أو النظر وحديث طويل وصادق للوزير والمسؤول عن تجربته. حتى يقرأ هذا الجيل لا الجيل القادم ويسمع ويشاهد أن هنا كانت وزارة أو إن هنالك كان وزير.
(11)
> كان نجار مدرسة حنتوب الثانوية حميدة أبو عشر يكتب غضبك جميل زي بسمتك. وفي زمان حنتوب الجامعة لا يستطيع أطول طويل (أو أتخن تخين)
(12)
> مسكين صديقنا هذا فقد حاولوا قديما أن يشتروا قلمه بالمليارات فأبي وها هو الآن يحاول بيعه في سوق النخاسة بدراهم معدودات ولم يجد مشترياً.
(13)
> بقيت نكتة واحدة وكذبة أخيرة حتى يدرك (الكبير) إن المهرج (الصغير) قد نضب معينه من (الخزعبلات) ويجد بعدها أن أوراقه الكذب في (الكوشة) المجاورة للحوش العتيق.