خالد حسن كسلا : الحكومة في مؤتمر «أنصار السنة» الخامس
> هل كان يعلم نائب رئيس الجمهورية «حسبو» ووالي الخرطوم «عبد الرحيم» أن المؤتمر الخامس لجماعة أنصار السنة المحمدية الذي شهداه مساء أمس الأول في أكبر صالة بحدائق مايو او حدائق ابريل، هو مؤتمر جناح الأغلبية في الجماعة الذي لا علاقة له بجناح الأقلية برئاسة الدكتور اسماعيل عثمان المشارك في الحكومة منذ اكثر من عقد؟
> ربما الحكومة هذي بكل مؤسساتها التي تعمل علناً وسراً، لم تستوعب حتى الآن أهداف أنصار السنة وطبيعة خلافاتها حول آليات تحقيق هذه الأهداف.
> فجناح الأقلية بالجماعة الذي يقوده الدكتور اسماعيل عثمان يكون قد استغرب مشاركة مسؤولين كبيرين رفيعين في جلسة ختامية لمؤتمر الجناح الآخر الذي تأسس خلافه مع جناحه على المشاركة في السلطة منذ قبل رحيل الشيخ محمد هاشم الهدية.
> لكن يبدو أن الحركة الإسلامية الحاكمة تريد أن تتعامل مع القوى الدعوية السلفية المؤثرة جداً غير المتأثرة بطريقة توفيقية لكسبها كلها ووضعها في صعيد واحد رغم خلافاتها الإدارية.
> والقوى السلفية هذي على المستوى المؤسسي لا تريد من الحكومة الا ما تريده من أية حكومة.. مهما كان مذهبها او مشربها، وهو فتح المجال للعمل الدعوي.
> وحتى رئيس أنصار السنة المنتخب مساء امس الاول الدكتور عبد الكريم محمد عبد الكريم، كان قد شكر في كلمته بعد انتخابه الحكومة لفتحها المجال لعملهم الدعوي.
> والحكومة كانت قد فتحت لهم المجال واسعاً بعد تحررها من أكبر خدعة في تأريخ البلاد، وكان ذلك في الرابع من رمضان المجيد الذي وافق اليوم الثاني عشر من ديسمبر عام 1999م.
> اي ان ستة عشر عاماً من عمر هذه الحكومة البالغ ستة وعشرين عاماً ونصف العام ظل المجال مفتوحاً فيها للعمل الدعوي للجماعة.
> حتى فاقت اعداد مساجدها عضوية احزاب تشارك في الحكومة بمناصب رفيعة.. لذلك يبقى شكراً مستحقاً.. على الاقل من باب منهاج النبوة.
> في منهاج النبوة يقول الحديث الشريف: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله».
> ثم لأن لكل مقام مقالاً.. فقد كان حديث نائب الرئيس «حسبو» الذي كان هو ختام الجلسة الختامية للمؤتمر العام الخامس لجناح الاغلبية، يشير الى اهم الاسباب التي استعجلت الحركة الإسلامية للتغيير في «30» يونيو 1989م.
> كان يشير لتمكين الدين.. ومن المفترض أن يقصد ان التغيير رغم انه كان اثناء ولاية حكم منتخب، الا انه اقتضته ضرورة الاستباق.. استباق تحركات خلايا اخرى يسارية داخل القوات المسلحة.
> كان قد انفضح امرها تماماً لاحقاً بعد نجاح انقلاب الاسلاميين. وانقلاب الاسلاميين اذا كان قد فتح المجال واسعا لدعوة التوحيد والسنة بعد عشرة اعوام ونصف من تنفيذه.. فإن قبله كان المجال مفتوحاً لها خاصة خلال الاربعة اعوام التي مضت على انتفاضة ابريل 1985م.
> إذن الأصح هو القول إن في الثاني عشر من ديسمبر 1999م، اي في ليلة قرارات الرابع من رمضان المجيدة، كان استئناف فتح المجال واسعاً للعمل الدعوي لجماعة انصار السنة المحمدية.
> إذن الشكر على استئناف فتح المجال واسعاً.. وقبل الرابع من رمضان ايضا كانت جماعة الاخوان المسلمين تعاني من قفل المجال الدعوي والمضايقة الحكومة في ظل نفوذ الترابي وقصة مسجد العمارات معروفة.
> ونائب الرئيس «حسبو» يحدث في مؤتمر انصار السنة عن الحوار الوطني، ويخاطب المؤتمرين بقوله بأنكم معنا في الحوار.. وهنا ملاحظة طبعاً.
> فإن الحوار لا يكون الا بين اثنين مختلفين في هذه الحالة، ويعتبر احدهما الآخر ظالماً. وأنصار السنة اذا دخلوا اروقة الحوار فهم إذن اضافة للطرف الحكومي ولن يكونوا ضمن طرف القوى الأخرى.
> واذا كان «حسبو» قاصداً جماعة السجانة بقيادة الدكتور اسماعيل عثمان، وهي فعلاً مشاركة مستقلة عن الحزب الحاكم، فإن هذا يعيدنا الى سؤالنا في مفتتح هذا المقال.
> لكن يمكن أن نقول إن الحزب الحاكم ــ المؤتمر الوطني ــ لا يشعر بالحاجة الى استيعاب كل تفاصيل ملف قضية الخلاف الإداري بين جناحي الجماعة.
> وإن كان لا يوجد تكافؤ بين الجناحين.. فاحدهما به الآلاف من ريش العضوية وهو صاحب مؤتمر أمس الأول.. بينما الآخر به ريش قليل.
> فالطيران الدعوي والتحليق الإصلاحي يقوم به بأثر أكبر وأكثر فعالية في المجتمعات السودانية جناح الأغلبية.
> والحزب الحاكم ظل يقف في الحياد.. وهو لو كان يطرح المشاركة في السلطة لقوى مختلفة، فإنه إذن غير مسؤول من مآلات هذه المشاركة على جماعة أنصار السنة.
> والمؤتمر الخامس وما قبله يجيئان بعد المؤتمر الثالث الاستثنائي وفق دستور الجماعة.
> وقد لجأ اليه أغلب الجماهير بعد تجاوز مجموعة الراحل الهدية له.
غداً نلتقي بإذن الله.