رأي ومقالات

وكلهم خالد يوسف أيضاً

بعد حمدي الفخراني، جاء الدور على خالد يوسف، مخرج فضيحة 30 يونيو، أسوأ أفلام العري السياسي، في تاريخ الثورات المضادة.

الآن، رقبة خالد يوسف تحت سكين دولة الثلاثين من يونيو، يريدون ذبحه بالسيديهات والصور الفاضحة، قبل أيام من الجلوس على مقعد عضوية برلمانهم. على الهواء مباشرةً، يساق المخرج الشهير إلى المقصلة، حيث تتألق ماكينة الوضاعة الإنسانية والانحطاط الأخلاقي، في قصفه باتهامات التحرّش والعلاقات النسائية.

ليس الأمر رغبة مسعورة تنتاب إعلامياً بينه وبين المؤسسة الأمنية حبل سري لا ينقطع، وليس كذلك استعراضاً لقوة الوساخة السياسية، كما يجسدها نائب آخر من إعلاميي الثورة الحرام، بتفاخره بأنه ذاهب إلى البرلمان، على ظهر عربة محملة بتسريبات وفضائح لنواب آخرين.

الحكاية هي حكاية أخلاق “30 يونيو” وقيمها ومبادئها، تلك التي قامت على استدعاء وتدوير كل نفايات مصر السياسية والاجتماعية والإعلامية.. كانت “أنشودة للوساخة” فيما كانت 25 يناير “أنشودة للبساطة”.

خالد يوسف، مثل حمدي الفخراني، كلاهما تفانى في خدمة الغزاة، كلاهما انسلخ من قيم معبد الخامس والعشرين من يناير، وقرّر البحث عن فرصة عمل في مستنقع الثلاثين من يونيو.

استقبلوا خالد يوسف بترحاب، دللوه وكافأوه في البدايات، رفعوه على الأعناق، وصعدوا به إلى السماء، على متن طائرة عسكرية، من أجل تصوير فيلم الحشود، ليعلن الإعلام العسكري بعدها نكتة الثلاثة وثلاثين مليوناً خرجوا في تظاهرات تطالب بالانقلاب.

مبكراً جداً نشط خالد يوسف في تأجير “كعبة يناير” مفروشة، لجمهور الانقلاب والثورة المضادة، وقد كتبت في ذلك قبل الانقلاب بستة أشهر، عندما كان خالد يوسف يستضيف صبيان عمر سليمان وأحمد شفيق، في خيمة تيار حمدين صباحي في قلب ميدان التحرير. كان ذلك في ديسمبر/كانون الأول 2012. وفي صباح اليوم التالي لما عرفت بجمعة “حلم الشهيد” حين تلقيت اتصالاً من والد أحد الشهداء، يقول إنه عند الفجر، حيث كان معتصماً، وبينما يمشي داخل الميدان، بصحبة الدكتور يحيى القزاز، عضو حركة 9 مارس وحركة كفاية وحركة أصحاب الدم والهم المعنية بقضية الشهداء، أصيبوا بالصدمة، حين رأوا مجموعة من الوجوه المعروفة في قيادات الثورة المضادة، على رأسهم منسق حملة عمر سليمان، وحين استدعى مجموعة من شباب الثورة لإخراج هذه الوجوه، كانت المفاجأة حضور المخرج السينمائي ذائع الصيت، خالد يوسف، خارجا من الخيمة محتضنا هؤلاء، وحجته أن الميدان في حاجة إلى الجميع، كي يكون الحشد أكبر ضد الرئيس محمد مرسي.

خدم خالد يوسف في بلاط الثلاثين من يونيو، كأفضل ما تكون الخدمة، فلماذا قرّروا قطع رأسه، إذن، بعد أن سمحوا له بالفوز في انتخابات برلمانهم؟

ماذا حدث، لكي يقطعوا رجليه، بهذه الوحشية غير الأخلاقية، قبل أن يخطو إلى البرلمان؟

جريمة خالد يوسف، كما هي جريمة حمدي الفخراني، أنه من أصول ينايرية، وبالتالي، هو موضع شك وتربص وترصد واستهداف، مهما فعل، ذلك أن الأوغاد يعتبرون أنهم، بإنجاز المرحلة الأخيرة مما يسمونها “خريطة الطريق”، يكونون قد أنشأوا “وطنهم القومي”، أو “كيانهم” الإحلالي الإقصائي، العنصري، القائم على اجتثاث كل ما يدب على الأرض، حاملاً جينات يناير 2011.

هي مرحلة التطهير والاستئصال التام، لا يسمحون فيها إلا بوجود مثقفين من نوعية يوسف زيدان، إلى حين، ويوسف القعيد، إلى أجل أطول، فالأخير أكثر ملاءمة لقيم الانقلاب العسكري، هو “ملاك الرحمة” السابق، بدأ حياته عامل تمريض في مستشفى ريفي، قبل أن يحترف الأدب، والآن يتحول إلى مصاص دماء، يعتنق الفاشية كما يقول الكتاب، ويبدي الحنين إلى زمان التعذيب والتطهير العنصري.

يقول يوسف القعيد في برنامج تلفزيوني قبل يومين “أنا لو مكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاستفدت من تجربة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في تعامله مع هذه الجماعة الإرهابية”، ثم يبدي حسرته على أن عجلة الزمن لا تعود إلى الوراء، بعودة الاعتقالات والتعذيب كما كان يفعل بهم في الماضي مع أنه مبرر”.

يطالب القعيد بألا يكون للمنتمين لجماعة الإخوان مكان على أرض مصر، ويقول تلمود 30 يونيو إنه لا مكان للمنتمين إلى ثورة يناير في الوطن القومي للسفلة والأوغاد.

وائل قنديل
العربي الجديد